أول ما بدأ الخراب يتسرب إلى اليسار في تونس، كان عندما بدأ يتبنى مقولة إن "النظام الإمبريالي العميل" عدو مؤقت والإسلام السياسي عدو دائم، ولذلك يجب التحالف مع الأول من داخل أدوات الدولة للقضاء على الثاني بكل وسائل العنف،
صحيح أنه ليس لدينا يسار واحد وفيه مواقف مختلفة لكن لا أحد قدم مقولات مقنعة لماذا الإسلام السياسي عدو دائم؟ خصوصا: عدو لمن؟ لذلك تورط اليسار من تلقاء نفسه في مواقف ضد الدين والأخلاق لمجرد معارضة الإسلام السياسي واستفرغ رصيده السياسي في الحرب عليه بدل الإجابة على أسئلة الناس الاجتماعية والإقتصادية.
المشكل أنه منذ أن بدأ التونسيون يتحدثون عن مؤسسات الديموقراطية والانتخابات والمعارضة، اختار اليسار مقولة "لا حرية ولا ديموقراطية لأعداء الحرية" أي الإسلام السياسي حتى أن المشاركين في اعتصام 18 أكتوبر 2005 من اليسار تعرضوا لشيطنة تفوق التخوين لمجرد وجود وجوه من الإسلام السياسي حول الحد الأدنى المشترك بين التونسيين،
اليسار التونسي وجد نفسه في عزلة الصفر فاصل في كل انتخابات نزيهة مقابل انتشار مذهل للإسلام السياسي في أية مساحة حرية، لكن لا أحد يعرف إلى اليوم من زرع فكرة أنه لا حرية لجزء كبير من الشعب التونسي بدعوى أنه عدو للحرية؟