أنا لست مختصا في التعليم ولا في الأدب، لكني مصدوم بالتكلس الأدبي لكتاب مواضيع العربية في امتحانات الباكالوريا التي هي مرآة لما نريده من ثقافة أبنائنا والتي ما تزال منغلقة على رواية الشحاذ لنجيب محفوظ وشهرزاد لتوفيق الحكيم ومحمود المسعدي من تونس قبل 60 عاما، يعني، لم تنتج تونس غير المسعدي ولا العالم غير أدباء الستينات في مصر أو السوري سعد الله ونوس ومسرحية "مغامرة رأس المملوك جابر" 1971؟
يا أخي، كان فرض رواية المسعدي بصفته يمثل نظام الحكم ووزارة المعارف وروح الممتحنين، ألم يكتب بعده البشير خريف "الدقلة في عراجينها"؟ ألم يكتب نور الدين العلوي "المستلبس"؟ وغيره كثيرون، باهي، عندنا تراث إنساني من أدب السجون بصفتنا مجتمعا مريضا بعنف السلطة، أين كتاب فتحي بن الحاج يحيى "الحبس كذاب…والحيّ يروّح"؟ ألا يعتبر تجربة أدبية إنسانية للتدريس؟ وعشرات كتب أدب السجون عن مرحلة شديدة الوحشية من تاريخنا الوطني الحديث؟ أليست أجدر بالتدريس من مسرحية الأدب الذهني التي تجاوزته الإنسانية في شهرزاد لتوفيق الحكيم؟
ألم يصب لاتينيو أمريكا العالم الأدبي بالذهول بأدب السحرية الواقعية مع إيزابيل الليندي، في "السيد الرئيس" التي توصّف الرئيس الديكتاتوري المستبد الذي يأمر بقتل أبناء شعبه بدم بارد؟ أو مع ماركيز في روايتي مائة عام من العزلة التي طبقت إنسانيتها الآفاق إلا تونس و"خريف البطريارق" في نظام الحكم العسكري الطاغي المتجدد؟ البرازيلي جورج أمادو؟ المكسيكي خورخي لويس؟ ألم يسمعوا بهم؟ لا؟
ألم يسمع مدرسونا بأدب إفريقيا التي نشترك معها في الجوار والثقافة والقصة الإنسانية مثل وولي شوينكا (Wole Soyinka الحائز على جائزة نوبل للآداب أو مريميا با من السينغال صاحبة رواية "خطاب طويل جدًا" رسالة إنسانية مؤثرة كتبتها الأرملة راماتولاي تصف فيها كفاحها من أجل البقاء بعد فرار زوجها، ؟ أيه؟
واليابان، من يوكيو ميشيما وصولا إلى هاروكي موراكامي صاحب رواية "كافكا على الشاطئ"؟ لا؟ لا تعرفونهم وتفضلون الاسترزاق من خمسة أسئلة مدرسية ميتة لها أكثر من نصف قرن؟ بالمناسبة، هل شاهد أحد منكم أو طلب من تلاميذه أن يشاهدوا فيلم "حلقة الشعراء المفقودين"؟ لماذا لا يكون مادة أساسية في تكوين المدرسين؟ لم تشاهدوه؟ أتوقع ذلك،