لنحذر، لأن الأشياء السيئة التي تحدث في فرنسا، تجد طريقها بسرعة إلينا في التطبيق وفي القانون أيضا لولا تلك المرأة الفرنسية البسيطة التي صورت بهاتفها عملية إيقاف المراهق من أصل جزائري نايال لضاعت الحقيقة إلى الأبد، فقد صورت كيف أطلق عليه عون الشرطة الرصاص عن قرب وفي مكان قاتل عمدا بنية القتل تحت تشجيع زميله shoote le، اقتله، فيما بنت الحكومة موقفها قبل أن يتسرب الفيديو إلى العالم على أن المراهق حاول دهس أعوان الأمن فكانوا في وضع الدفاع الشرعي عن النفس والنظام العام، تصوروا لو أن المواطنة الفرنسية سلمت هاتفها إلى الشرطة وتم محوه؟ لكنا اليوم نتحدث عن "إرهابي" فيه كل المواصفات المطلوبة: من أصل عربي يستهدف رمز البلاد في الأمن الجمهوري بمحاولة دهس"، وتخيلوا وحدكم كم زيفت الحكومات من الحقائق المتعلقة بالتعسف في ممارسة السلطة،
عام 2005 كنت أقيم في ضاحية سان دوني (93) من أجل تأسيس شركة Artistikpeople مع عدد من الأصدقاء الفرنسيين عندما اندلعت أحداث الضاحية الشمالية واشتعلت باريس ثم ضواحي المدن بإشعال أكثر من 4 آلاف سيارة في ليلتين، أخذني الحماس المهني فخرجت للتصوير ونقل الشهادات حتى وقعت مع شريكي في كمين فرقة CRS بمصورتي الحديثة، لطخوني أرضا وسط الشتائم العنصرية، أنا أخرجت لهم بطاقة صحفي تونسي محترف التي كانت من صفحتين والتي كانت "تقضي" في الدخول مجانا إلى الكثير من المتاحف والتظاهرات في فرنسا، قال لي بحقد: "je vais te la faire bouffer"، وبرك بحذائه العسكري الضخم على رقبتي ووضع فوهة بندقية fusil à pompe فوق أذني، كانت "فرنسا العظيمة" للحريات الإنسانية الكونية هي التي تفعل ذلك في نظري لأنها مريضة بتاريخها ولم تعالج أمراض علاقتها بمستعمراتها،
ففي ذلك الزمن، كانت الجاليات الإفريقية والعربية تسمى عون الـ CRS باسم schmidt في استحضار لهوية عون البوليس الألماني النازي، إنما، رغم كل شيء، فإن أية انتهاكات تعرضت لها في فرنسا لا تكاد تعتبر إزاء ما قد يحدث لي حتى من باب الصدفة في أي بلد عربي، حيث كدت مرة أن أدخل السجن لمدة لا يعلمها إلا الله لأن ضابط شرطة حدود أدخل يديه الكريمتين في جيبي ليخرج كل الفلوس الصرف ويأخذها فقلت له: "سارق"، ولم ينقذني منهم سوى تدخل صديق كان مدير مكتب تونس الجوية في الشرق الأوسط،
خلوكم من تجاربي ومن جريمة القتل، هل تعرف أن أشهر جرائم الشرطة ضد المواطنين في أمريكا مثلا كشفها مواطنون عاديون يحظون بحماية حق تصوير البوليسية وأنهم ليس عندهم قاض يقول "أنا عندي صغار"، وأن بريطانيا تعتبر توثيق الجرائم التي يتورط فيها أعوان الدولة وموظفوها حقا دستوريا؟
في المقابل، وزير الداخلية الفرنسي جيرالد درمانيان الذي يليق به أن يكون وزيرا في أسوأ حكومة إفريقية أو عربية وأكثرها قمعا وانتهاكا للحقوق الفردية والعامة ناضل لأجل تجريم تصوير البوليسية وهم يخترقون القانون كما يحدث في أية دولة عربية متخلفة؟ عندهم قانون في فرنسا اسمه "الأمن الشامل" وفي فصله 24 ثم 52 بعد تنقيح القانون يهدف إلى خلق جريمة اسمها "التحريض على التعرف على شرطي أو جاندارمي أثناء العمل" عبر أفلام الفيديو، وأن تصوير البوليسية في أي وضع في بر تونس يعتبر جريمة خطيرة، الثقافة من بعضها،
فرنسا دولة عربية، لكنها تنكر ذلك،