وأنا أراجع الفصل 15 مكرر من المجلة الجنائية التونسية التي يعطي القضاء حق تعويض عقوبة السجن بالعمل لفائدة المصلحة العامة لاعتبار أن الدولة يمكنها إقامة العدالة دون الحاجة إلى رمي الناس في السجن، تذكرت تلك الزميلة الصغيرة التي "مشت في العفس" في عراك الكبار ورموا بها في الأسود البهيم منذ أكثر من عام، "شذى الحاج مبارك" بتهم أكبر من أن تستوعبها لصغر سنها وتجربتها ومنها "الاعتداء على أمن الدولة الخارجي" وهي التي كانت تشتغل بعقد عمل قانوني لممارسة عمل صحفي صناعي قانوني، في وضع كان يمكن أن يكون عرضة له أي زميل، عن حسن نية أو سوئها،
سبب المقارنة هو اندفاع أجهزة هذه الدولة إلى سجن الناس لأي سبب، "جرّ على بوشوشة" ومنه إلى المرناقية وخصوصا في قضايا الرأي والتعبير التي انتقلت من المرسومين 115 و116 إلى المرسوم 54 وقانون الإرهاب،
ما هو الخطر الذي يمكن أن تمثله شذى الحاج مبارك على المجتمع التونسي؟ على أمن الدولة الوهمي الذي يشمل أي شيء وكل شيء؟ لماذا تأكل هذه الصحفية الشابة شبابها سلاطة في السجون لأجل هواجس أمنية كلنا نعرف أنها بسبب صراعات ترتيب القوة؟
لماذا لا تكون في حالة سراح لتعالج أمراضها الأصلية والتي ضاعفها السجن منذ أشهر طويلة؟ ماذا لو كان ثمة نظام للمراقبة الالكترونية للموقوفين في انتظار محاكمة عادلة، هل سيتكلف على الدولة أكثر مما يتكلفه إيواء السجين؟
أي شيء يعوض على هذه الصحفية الشابة عذابات شبابها وضياع صحتها في السجن؟ أنا أؤمن (حاشاكم) بدعاء الشر ونفاذه في الأشرار، انتظروه، ليس بعيدا، فسجن هذه الطفلة هي خطيئتنا الجماعية،