"سيتم، قريبا، إلغاء قائمة جديدة تشمل 33 ترخيصا إداريا، إلى جانب قائمتين سابقيتن، تضمنتا 52 ترخيصا إداريا، تمّ إلغاؤها، في إطار تسهيل التمشيات الخاصّة بالإستثمار"، (موزاييك)،
هذه الدولة ما تزال تقاوم ببسالة ضد التخلص من عقلية احتكار خلق الثروة والحرية وجعلها قصرا على أنصارها حتى في حق التنقل "وين ماشي؟ وين كنت" وباختراع الإجراء الحدودي للمنع من السفر s17 وكف التفتيش والجنسية (قديما كانت شهادة الحياة) وبره جيب ورقة من المحكمة والقباضة ومن الديوانة والداخلية، الأصل في الأشياء هو كراس شروط يمكن أن توافق عليه تطبيقة إعلامية دون تدخل بشري مع مراقبة بعدية لاحترام الشروط، في 1996، كان ثمة 12 ترخيصا لتركيز جهاز بارابول لالتقاط قنوات النيل سات الحمقاء، منها ترخيص وزارتي الدفاع والداخلية، أية متعة عند العسكر في التدخل في ما أشاهده؟ تصور هذا الهوس بالتراخيص والأوراق والكواغط والإمضاءات وقرارات اللجان المشتركة وغير المشتركة والمدير مش هنا بش يصحح؟
الترخيص من حيث المبدأ هو إجراء من القرون الوسطى لحماية موارد الملك التقليدية في الجبابة وخلق الثروة وجعلها حكرا عليه وعلى من يمنحهم تلك التراخيص مقابل الولاء، أول ما فعله قناصل الدول القوية زمن البايات هي كسر التراخيص التجارية لدولهم ولمهاجريهم في بلدنا، عندما استقلت بلادنا منع بورقيبة تجارة الحبوب بين الولايات وكسر نظام الهطايا التاريخي واليوم أصبح من الجريمة أن يحمل الفلاح نقودا بيديه تفوق 5 آلاف دينار دون وجود بديل مناسب للمال الورقي، فرض ترخيصا من وزارة الداخلية والحزب لفتح مقهى، رخصة تجارة التبغ أو نقل الأشخاص كانت امتيازا "ملكيا" يمنح للمقاومين الذين لم يقاوموا أحدا أو لأعوان الأمن "مكافأة نهاية الخدمة" وكلما كبرت السوق كبرت معه سلطة الترخيص وأهمية المقابل، لذلك كان الاقتصاد الموازي أكبر من الاقتصاد الرسمي لمراوغة التراخيص ولجانها والضرائب المشطة،
ماذا لو أفقنا صباحا على قرار بإطلاق الحريات في كل شيء مع مراقبة بعدية كما يحدث في المجتمعات المتحضرة، من يخاف ذلك؟ الملك؟ أنتم ترون إنه في بر تونس، يستطيع كل واحد أن يفعل ما يريد رغم التراخيص والقوانين والحبس، حتى الوساطة بتوريد زبالة إيطاليا لرميها في تونس بمقابل؟ ثمة ألف ترخيص لاستغلال الرصيف، لكن يمكنك أن تستولي عليه علنا وعلى جزء من الطريق مجانا دون الحاجة إلى أي شيء، ثمة رخصة مستحيلة "متاع شراب" لكن يمكنك الإثراء من بيع الشراب خلسة والدخان المهرب الذين يستوليان على 40 بالمئة من حجم السوق بتشغيل الإجرام المنظم وإفساد أعوان الدولة أو بتجارة سلعة ليبيا التي ليست سلعتها، سيقول لك السياسيون إنهم يأكلون الخبز وأن هذا أفضل من الإجرام، لا أحد يتحدث عن "الكابو" الذي يراقب الموانئ لدخول السلع المهربة وشبكات التوزيع المنظم لمراوغة التراخيص،
اسمع؟ قريبا، إلغاء قائمة جديدة تشمل 33 ترخيصا إداريا، الله أعلم متى، وكل هذه التراخيص يمكن إلغاؤها بتطبيقات إعلامية لا تعرف المدير في اجتماع، الي تصحح مشت للعمرة، اللجنة لم تجتمع بعد، لأن هذه التطبيقات تشتغل 24/24 و7/7 ولا تذهب إلى المقهى أو الاجتماعات ولا تعرف التدخلات والرشوة والمحاباة وهذا تمت تجربته في عدة مجتمعات من أستونيا التي انتقلت من الفقر إلى الغنى والاستقرار إلى الولايات المتحدة الجبارة مرورا بكوريا الجنوبية التي بدأت معنا في 1984 بطلب قرض تنمية من صندوق النقد الدولي ثم أصبحت الآن تدربنا على مكافحة "التراخيص" الملكية،