تأخذ العناصر الأساسية في علم تحليل الخطاب وتكتبها في ورقة، ثم تأخذ أهم تصريحات السادة "الخبراء" والكرانكة والمحللين في وسائل إعلامنا حول حادثة جربة، فتجد قاسما مشتركا بينها كلها: "يدورون حول الإناء" دون أن يتورطوا مباشرة في قول حقيقة ما يقصدون: Tourner autour du pot : user de détours inutiles au lieu d’aller au fait
والسادة المنشطون يكادون يدفعونهم "قولها بركة يا معمر قولها": لا جريمة لهذا الشعب إلا أنه نجح في طرد الطاغية مطالبا بالكرامة والحكم الرشيد"، لذلك أي شيء يحدث لنا فهو بسبب تلك الحماقة، لأن هذا لا يليق بالعربي الذي يجب أن يحكمه "جنرال رئيس" بالحديد والنار مع زوجته الحجامة الدكتورة وأصهاره النهمين إلى المال العام، وعليه، يجب أن نجعل هذا الشعب يكره أي شيء يذكره بالثورة والكرامة والحقوق والتداول السلمي على السلطة والتفريق بين السلط،
وين المشكل؟ العالم كله، بمفكريه وعلمائه ومجتمعه المدني اتفق على أن ما قام به الشارع التونسي ثم العربي كان فخرا للإنسانية أولا، ثم لهذه الشعوب المقموعة المحكومة بالانقلابات العسكرية والجنرالات المزيفين والسجون والمنافي والهجرات، هذا العالم المفكر كان يضغط على حكوماته لكي تتوقف عن دعم حكام القمع والاستئثار بخيرات شعوبها وتعمل على مساعدة هذه الشعوب على القيام بنفسها، إلا عندنا نحن، يأتيك "زنوس" يريدون إقناعك بالتحسر على زمن الرؤساء الأبديين وحكم عائلاتهم المستبدة وحمل ممطرية عندما تمطر السماء حرية،
وين المشكل أيضا؟ المشكل حين تحدث انتخابات ديموقراطية وفق آخر ما توصلت إليه البشرية من شروط الحكم الرشيد، ينتصر فيها الإسلام السياسي، ونكتشف حقيقة أن هؤلاء الكرانكة والخبراء ومشغليهم لا يقدرون على إقناع حتى عائلاتهم بانتخابهم؟
آش نعملوا بها الديمواقراطية؟ يجب أن تقترن إذن بالدم والموت والفقر والفساد والفوضى وانتظار الجنرال المخلص، يا للحماقة،