"الولايات المتحدة الأمريكية تعلن عن توجيه 60 مليون دولار لمساعدة العائلات التونسية محدودة الدخل"، أحب أن أرى كشخة "الكرنوك"، ذلك الدعي متاع السيادة الوطنية القومية المزيفة، تلك الكشخة التي تتمعش من الأزمة بدل الحديث عن حلول لها وتستمرئ المساعدات الإنسانية بالدولار، باهي والآن؟
هل عندك حلول أم ستستمر في تبرير سواد مستقلبنا بالعشرية السوداء؟ أود أن أراه يرفضها، باسم السيادة، طالما هو لا يفهم في أسباب الأزمة ولا في علاقة حجم الإنتاج بحجم الاستهلاك والواردات والديون وخدمة الديون، وخصوصا حجم الديون التي تورطنا فيها في غياب أية سلطة تشريعية منذ حل البرلمان،
بين قوسين، البرنامج الأمريكي USAID يشتغل في تونس منذ كارثة فيضانات نهاية الستينات وكان يقدم لنا القمح الأمريكي والزيت والجبن لمقاومة الجوع في إطار فشل السيادة الوطنية المجيدة، الجديد في موضوع السيادة هو أن الإدارة الأمريكية لم تعد تثق بنا، فكلفت منظمة اليونيسيف بتقديم هذا الدعم إلى العائلات التونسية، وأنت تعرف أن إدارة USAID ما تزال تشتمك وتعتبرك مخالفا لقوانين بلادك ولا تزال تصنفك مع الطغاة والفوضويين لكنها تعتبر مواطنين ضحية لك، كيف لون وجهك الآن؟
شيئ من الشجاعة مقابل هذا النزيف الدموي،
ممثل الحكومة ووزارة المالية يتغيبان عن اجتماع مع ممثلي عمال المؤسسات الإعلامية العمومية والمصادرة المهددة بالإفلاس، "إيجا خويا وصارحني وقلي وين ماشين؟"،
تعال أقول لك سيدي: بقطع النظر عن تغيبك عن موعد البحث عن حل، إن من يتخلى عن إعلام بلده يضع نفسه ضحية لإعلام الآخرين الذين لا تهمهم قضايانا الوطنية ولا تسميم الرأي العام بالأخبار والقضايا الزائفة، فما بالك بالدفاع عن خياراتك كحاكم في فترات الأزمات حيث أنت أكثر هشاشة مما تتوقع ويمكن أن تعصف بك أكثر الإشاعات سخافة، كنت سأقول لك: "إن من يذل أسود بلاده تأكله ضباع الأجانب"، متوقعا أن تقول لي ساخرا: "هل هذه أسود؟ ألا ترى تردي وضع الإعلام وأدائه"، سأقول لك: "أنت لا تميز بين الأسد والضبع إلا بمدى التودد إليك، وهذا مقتلك في الصحافة، ثم إن أي ضبع أو قرد في الإعلام، عموميا كان أو خاصا، أنت الذي أرسلته بيننا وصنعته، أنت الذي ربيته في حجرك وفرضته على الصح فيين الأحرار أو لم تسمح بتأديبه عن ظهرت لديه علامات القردة والضبوعية، ومنعت السلطة المهنية الحقيقية للصحافة من العمل والتطور وضبط الأمور وتقييم العمل الصحفي"،
الجميع يعرف أن مشكلة المؤسسات الإعلامية في تونس هي مسألة حوكمة، ثمة معادلة كونية في مثل هذا الوضع: "تعلن الحكومة ماذا تريد: هذا وضع المؤسسة الباركة وهذه خصوصياتها القانونية وهذه قوانين الصحافة، تفضل هات مشروعك، ثم تكلف من يستطيع أن ينفذ ذلك ثم تحاسبه على ما تعهد به"، أما إذا كنت تريد أن تتخلص منها، فكن شجاعا وصريحا وتحمل المسؤولية المدنية لتسريح العمال، بدل ذلك، يكلفون شخصا مقابل أجر سخي ومنافع من زمن الأمجاد، لا أحد يعلم من أي مكان جاء ولا علاقته بموضوع الإعلام تحت شعار "تسيير اليومي والتصحاح في الشهاري، وهانا مع بعضنا، كان ثمة حاجة توه تبان" ثم يقطعون معه العلاقة مثل جندي مهجور في منطقة حرب متقدمة، المؤسسة تزداد غرقا ولا أحد يملك حلا ولا حتى يهتم أو يسأل عن السبب أو عن أي تعهد سابق، نزيف شهري من الأجور من أموال دافعي الضرائب مقابل أداء مهني يتجاوز الضعف إلى الإجرام المهني أحيانا، في ظل غياب السلطة المهنية وعقد الأهداف والمعرفة، خصوصا المعرفة، لا أحد يهتم،