نور الدين صاحبي لقح ووجد وقتا لكتابة نص مثير للشهوات حول التجربة، وكثيرون من أصدقائي هنا، أقل مني عمرا (عمري 55 عاما و8 أشهر، فيها ثلاثة أعوام في سجون الدولة الوطنية تحتسب ضارب أربعة) مستبشرون بحصولهم على مواعيد تلقيح: "البارح سجلت، عطوني موعد"، صحة، أما أنا "نغرت وغرت" لأني سجلت منذ 12 ماي في تلك المنظومة المزيفة واكتفوا بإرسال رمز عددي ولم يعطوني موعدا،
وقبلها بأسابيع، وضعتني علاقات المهنة ثلاث مرات أمام مقترح "إيجا لقح معايا غدوة"، خلي بركة، هانا مع الناس، فالأولوية للمستحقين. تعرفوش كيفاش يا أولاد الإيه؟ ياخي أنا بقيت حيا حتى هذا العمر بتلاقيحكم؟ هل واجهت الجنون وتعفن جراح التعذيب 11 يوما من العزل في السجن الانفرادي بالجزء الشرقي في معتقل القصرين شتاء 1987 بأدوية الدولة الوطنية؟ هل مازلت محافظا على قدرتي على تسلق جبال سركونة من جبل حديدة حتى جبل الشمس مرورا بأولاد سماعين بعلاجاتكم أنا الذي لم أعالج في حياتي في المستشفى إلا مرة واحدة من أجل ضربة صباط جميل في مؤخرة ساقي حتى تعفنت؟
هل نجوت من الفيروس عندما اعتنيت بأمي في غرفة الكوفيد بمستشفى الكاف اثني عشر يوما وبأخواتي عندما أصابهن المرض بتلقيح أم بالتعويل على ميراث أهلي في غريزة البقاء على قيد الحياة؟ بعد أخذ عينة اللعاب قلت للدكتور الفضيلي، أحد أطيب أطباء الكاف عندما شفيت أمي: "الآن سأذهب إلى العزل في سركونة"، أجابني مساء: "امش إلى سركونة، لكن ليس في لعابك أي أثر للفيروس"،
لست متأسفا على منظومة التسجيل لأني جئت من زمن الأوبئة الكبرى في الستينات من الكوليرا إلى شلل الأطفال والسل والحصبة والعوعاشة التي قضت على ربع أبناء جيلي في طفولتهم، وهربت من كل التلاقيح والفصد وطشاشة الدواء في حملات القضاء على البق والقرمل في الأرياف ولم أنج إلا بذلك الميراث الجيني العظيم لأهلي في مرتفعات سركونة، مكلمو النحل، صيادو العسل والثعالب والحلاليف وكل الطرائد ومالكو البذور البربرية الأصلية للقمح الصلب الحقيقي، حتى أني لم أعرف الياغرت إلا في مبيت المعهد الفني بالكاف،
أنا أصلا، نجوت من مصير صديق طفولتي "جمال ولد جفال" الذي أكلته الذئاب خريف 1972 ولم نعثر منه سوى على بقايا ساقيه في فردتي البوط البلاستيك، لقد نجوت من الجنون، وأعتقد أنه ما يزال علي الكثير مما يجب أن أعيشه، رغما عن منظوم التلاقيح. صحة وبالشفاء.