توه الرئيس الأمريكي عاد من الشرق الأوسط إلى قواعده الانتخابية الحقيقية ومعارك انتخابات نصف مجلس الشيوخ حول الإجهاض والضرائب وسعر المحروقات والاستثمارات الفيدرالية، فأنا أقدم لكم حقيقة ما لم يقله عنا، لكننا نعرفه جميعا:
- أنا صهيوني صادق مثل أي رئيس أمريكي حقيقي، على كل الحكام العرب أن يسارعوا إلى التطبيع مع إسرائيل وتبني حكاية الدين الإبراهيمي الذي يجعل اليهود شعب الله المختار والعرب أغيارا، حكاية الدولة الفلسطينية ليس منها، لأن إسرائيل قالت ذلك، عموما هذا لا يزعج الممالك العربية والجمهوريات المزيفة التي نساعدها طالما تقبل برئاسة إسرائيل للمنطقة وبمحاصرة غزة وتجريم المقاومة واعتبارها إرهابا، وهذا أصبح من تحصيل الحاصل،
- نحن نؤمن حقا بالديموقراطية والانتقال السلمي للسلطة والقيم الكونية للحقوق الإنسانية، لكننا كأمريكيين لا يمكن أن نكون عربا أكثر من العرب أو ضد مصلحة إسرائيل أو نقوم بمظاهرات لإسقاط الحكومات العربية بدل شعوبها ولن نتدخل لوقف أية انتهاكات لحقوق الإنسان أو تعذيب أو قتل بالمنشار أو بالمطرقة أو غيرهما بل يفترض أن نتدخل لحماية الحكومات التي تمارس ذلك طالما الشعوب العربية تحب ذلك وحكوماتهم كلها تتنافس لطلب مساعدة إسرائيل في أمريكا وحتى على أراضيهم،
خصوصا وهذه الحكومات تقدم لنا أفضل الخدمات منذ عقود: تحارب خصوم الإمبريالية الأمريكية وتوافق على خططنا في إغراق سوق النفط مجانا وتضطهد مواطنيها ومعارضيها إلى درجة الذبح والتقطيع بالمنشار مقابل أن نسمح لها بالبقاء في السلطة بمساعدتها على كشف خصومها في داخلها أو أن نشتري لها القمح أحيانا لتفادي خروج الجوع الجماعي عن السيطرة أو أن نأذن لصندوق النقد بإقراضها(...)،
- العرب أمة غير حقيقية، مهددة بالاندثار والتحول إلى شعوب ديسابورا مهاجرة بسبب الحكومات التي تقوم على الولاء بدل الكفاءة وقمعها لكفاءات شعوبها التي لجأت إلينا ونقص الموارد مثل الماء والغذاء والفشل في صناعة الثروة الحقيقية من العلم والتقنية حيث لا يحقق العالم العربي بدوله الواحدة والعشرين أية اختراعات أو إنجازات علمية خارج جامعاتنا، لا قوة لها ولا يمكن التعويل عليها، لا يمكن المراهنة على العرب سواء في اليمن أو ليبيا أو تونس، وحكاية الربيع العربي والديموقراطية والحكم الرشيد ما تزال بعيدة عن هذه الشعوب،
- ما يزال أمامنا نصف قرن آخر من السيطرة على العالم العربي واعتباره امتدادا لتقييم وتدخل موظفي المخابرات الذين هم أكثر كفاءة وفعالية من أي رأي سياسي حول الكرامة والحرية والحكم الرشيد، نحن ننظر إلى برامج التعليم ومحتويات الإعلام والبرامج التلفزية التي تصنع لنا في العقود القادمة أجيالا من الناس الذين يعتقدون أن أكبر ضعف في حياتهم هو أنهم خلقوا عربا مسلمين وأن أية مقاومة حتى لفظية للحاكم هو إرهاب وأن أكبر طموحاتهم هو أن يتشبهوا بالهامشيين والمعتوهين من المجتمع الأمريكي ممن يؤمنون أن أهمية الإنسان ليست فيما يقدمه للناس بل في لمعان سيارته الفاخرة أو تعرية أعضائه التناسلية وقدرته على الحضور في خزعبلات الاتصال الاجتماعي، وهم فئة لا تنتخب ولا تقرر ولا دخل لها في القرار الأمريكي، هي فقط تعجب العرب، وهم أدرى بما يريدون،
- كلام أخير: تحياتي إلى القوميين العرب المتحالفين مع إيران الشيعية الكارهة للعنصر العربي وللمذهب السني، هذا يساعدنا على تفتيت فكرة المقاومة في حد ذاتها ودعم الجنرالات الذين نختارهم بعناية وندرسهم في مدارسنا العسكرية ونحولهم إلى جنرالات حكام ونقبل أبناءهم وعشيقاتهم وجواريهم وثرواتهم المنهوبة المهربة إلى بلداننا لصنع صراعات محلية كنا سننفق عليها مليارات الدولارات، تشغلهم عنا وعن إسرائيل،