على ذكر إضراب النقل، الدولة الوطنية اختارت منذ بدايتها أن يكون النقل وسيلة لتحقيق الولاء السياسي مع إهمال شبكة النقل الحديدي الرائعة التي ورثتها عن الاستعمار واستثمرت في رخص النقل التي يمنحها بورقيبة مكافأة إلى أنصاره مقابل خدمات لمعاداة خصومه،
ثم جعلنا نضعف النقل العمومي على حساب رخص اللواج والنقل الريفي التي يتدخل في إسنادها الوالي والشعبة ولجنة التنسيق والحرس وحتى وزير الداخلية باعتبارها احتكارا حكوميا يمنح على الولاء، وفي الانتخابات تتولى تلك السيارات نقل المنتخبين رغما عنهم إلى صناديق الاقتراع تحت إشراف العمدة والشعبة للتصويت للسيد الرئيس.
كان العالم يتجه إلى النقل الجماعي المكهرب فيما كنا نحن نستثمر في taxi brousse التي لا توجد إلا في الدول الإفريقية المتخلفة، هل رأيتم يوما دولة متقدمة تخصص محطة للنقل الجماعي وواحد يصيح "أيا بلاصة لسوسة؟" أو مائة شخص ذكورا وإناثا يتقاتلون على سيارة لواج وسمسارة يضاعفون ثمن الرحلة القانوني؟
النتيجة: تبذير فاحش في استيراد سيارات النقل الجماعي ووقودها وقطع غيارها والاكتظاظ التي تتسبب به في الطريق حيث أن قطارا واحدا يمكن أن يعوض 100 سيارة، أما الأكثر سوءا فهو عجزها في الأوقات الحرجة عن الاستجابة لحاجيات الناس إذ تتكدس سيارات النقل الجماعي في نهاية الخط لعدم وجود حرفاء فيما يتكدس الناس في الجهة الأخرى بلا نقل،