في هذا البرّ التونسي المنكوب بندرة الحليب، الأفكار بالكدس لكن التنفيذ مستحيل، في زمن ميسرة الخير عندما كان صغار الفلاحين يسكبون الحليب في الطرقات لأنهم لم يجدوا من يشتريه، شتمهم لهم الجميع، إلى أن عرضت مجموعة جزائرية من ولايتي القالة والطارف شراء الفائض من حليب الشمال الغربي التونسي،
الدولة الجزائرية طلبت عينات لتحليلها بسبب تفشي مرض السل في تونس، حضرت العينات ووقف الوفد التونسي في الحدود ينتظر الإذن بالمرور فيما كان الوفد الجزائري ينتظر منذ الثالثة بعد الزوال في الجهة المقابلة على بعد أقل من 50 مترا، بقوا كذلك حتى منتصف الليل لأن الديوانة التونسية رفضت مرور العينات إلا بإذن كتابي من الوزير الله أعلم من أين اخترعوه وقتها،
الحاصل: عندما فقد الوفد الجزائري صبره، أيقظ بعض التونسيين وزير المالية من نومه لكي يفتي لهم في مرور عينات الحليب، وكان الرد بعد استشارة علماء الإدارة: لا، يعني لا، ولتفادي الحرج إزاء صغار الفلاحين، ظهر أحد سحرة الحكومة ليتحدث عن معمل لتجفيف الفائض من الحليب، أين هذا المعمل اليوم؟ وهو واحد من اختراعات السياسيين المخصصة للتنويم السياسي، لأن صغار مربيي الأبقار أفلسوا وجعلوا يزدادون إفلاسا مع مرور الأعوام لأنهم الحلقة الأضعف في هذا البرّ الكئيب،
وعلى ذكر العلاقة مع الجزائر والتكامل الاقتصادي ونهار إلي عندك فائض آخذه ونهار عندي فائض تأخذه بالمثل بدل أن تستورده من أوروبا، نحن فشلنا في أقل من ذلك، فشلنا حتى في العودة إلى خط السكة الحديدية تونس الجزائر Bône-Guelma الذي تم استحداثه منذ 1900 والذي كان يمكن أن يزيد في عدد السياح الجزائريين بنسبة 40%، وأنت تقلي العودة إلى حليب الغبرة؟