حكاية اصطدام باخرة بجسر بنزرت ذكرتني بهشاشة هذا الوطن الكئيب الذي يمكن إغلاقه بأي شيء: هــــــاكه العام، بعد الثورة ثمة سائق شاحنة عملاقة دخل ضاحية المروج دون أي مبرر مهني، فقط لكي يرى "صديقة قديمة" له هناك (معلومات شخصية)، لكن الشاحنة تعطبت عند مستوى المبيت الجامعي ومحطة المروج3، عاد تركها وذهب في حال سبيله وبقيت الشاحنة يومين حتى أخرجتها الدولة بقوتها المكلفة من مكانها لأنها أغلقت الطريق على نصف سكان ضاحية المروج الثالث وكان علينا أن نجد طرقات موازية لكي نذهب إلى العمل ونعود إلى بيوتنا، هل تظنون أن أحدا تلقى عقوبة؟ أو قال أحد وينو الحاكم؟
مستحيل، وبعدها، مرة في شهر رمضان عند الثانية بعد الزوال، وحلنا في اكتظاظ كافر مفطر في رئة العاصمة والشمال أي الطريق الجنوبية يبدأ من مدينة الثقافة إلى الله أعلم، بعد ساعة وربع فهمنا الحكاية: عجوز على كريطة يقودها حمار على الطريق السريعة، يحمل أسلاكا معدنية صدئة خارج الكريطة وتمثل خطرا على بقية السيارات، كل الحمولة لا تساوي 100 دينار، لكنها تسببت في خسائر وقود ووقت بمئات الآلاف من الدنانير،
ومنذ بضعة أيام، صباحا وقت الذروة، تسهلت الطريق السفلية نحو وسط العاصمة تحت جسر الجمهورية وانفتحت وترى البوليسية "زرافات ووحدانا" يصرخون بعلامات الأيدي من بعيد "امشي امشي"، تبين أنه فقط لتيسير وصول مسهول كبير، أي؟ أليس فينا طبيب سيجري عملية جراحية؟ موظف مجهول سوف يمضي على وثيقة فيها مصير عائلات وأموال وطنية ؟
توه اليوم، اعترضتنا سيارة في الاتجاه الممنوع لأحد أنهج لافايات وتراكم السيارات وراء بعضها وتعالى الصياح والنفير والتزمير وانغلق شارعا الحرية وفلسطين، هل تظن أن الدولة جاءت لفض الإشكال؟ لا أبدا.هو أصلا، الحل ليس التدخل بعد أن تحدث الكارثة، بل في جعل الناس، عندما يغادرون بيوتهم صباحا، يدركون أنه ثمة دولة ستعاقب المخطئين بصرامة، بدءا بموظفيها ومسؤوليها، عندما يدرك الناس أنهم إزاء سلطة عادلة، سوف يذهبون تدريجيا نحو احترام القانون،