أكراد سوريا.. عندما تنكشف الحقيقة

Photo

وها قد كشف الأكراد في سوريا عن هدفهم الأصلي، ألا وهو الإعلان عن فيدرالية خاصة بهم، إلا أن الأهم من ذلك أن داعمهم الروسي قد انكشفت حقيقته، بحيث أن تدخل الروس لا علاقة له البتة بـ"محور الممانعة"، إن لم يكن على حسابه، وحيث أن المصالح الروسية في واقع الحال تقتضي أن يقوم الروس بدور المناولة لمشروع الشرق الأوسط الكبير الأمريكي أي الشرق الأوسط المفتت أي الشرق الأوسط الذي يمكن "لإسرائيل" أن تعيش فيه في سلام، وهو ما يضمن الأمر نفسه لأكبر جالية فيها ممثلة في اليهود الروس.

إعلان فيدرالية كردية في شمال سوريا مقدمة ليس أكثر، لبروز فيدراليات أخرى إلى جانبها، علوية، ودرزية، وسُنّيّة، وتضمحل خريطة سوريا الواحدة كما رسمتها اتفاقيات سايكس بيكو ، بما يشبه ما وقع في العراق تقريبا. وبالنسبة للفيدرالية الكردية في سوريا ها أن الروس قد زودوها بالأسلحة. وهذا ما يعطي صورة أولية عن رؤيتهم للحل في سوريا. وبطبيعة الحال فهذه الفيدرالية تخدم أمريكا وربيبتها "إسرائيل"، بدليل العلاقة المتينة بين الأكراد والكيان الصهيوني، مثلما اتضح من خلال علاقته مع كردستان العراق، كذلك فإن تكوين فيدرالية كردية في سوريا من شأنه أن ينقل القلاقل إلى عقر دار الأتراك، لعل ذلك يمكن الروس من إيجاد حليف دائم لهم يمكنهم من الوصول إلى المياه الدافئة. ولا علاقة لذلك البتة بـ"محور الممانعة"، ولا بالمقاومة.

خذ إيران مثلا، نتذكر أنها كانت قد صفقت لقدوم الروس إلى سوريا، ظنا منها أنهم جاؤوا لمؤازرتها في بلاد الشام، وأنهما يقفان على نفس الجبهة في دعم نظام الأسد بما يخدم بوجه من الوجوه "محور الممانعة"، ها هي تستفيق أخيرا. لقد انتهى الإيرانيون إلى ضرورة التقارب مع تركيا. ذلك أن فيدرالية كردية في شمال سوريا لا تهدد تركيا فقط وإنما تهدد بلادهم أيضا، فبعد قيام فيدرالية كردية أولى في العراق وثانية في سوريا، ما المانع في قيام فيدرالية ثالثة في تركيا ورابعة في إيران في طريق دولة كردية في المنطقة؟

بالعودة إلى تدخل الروس في سوريا، تبين الآن أنه يرتد على سوريا الواحدة، وأن الذين أرادوا اغتنام الفرصة لتحقيق أحلامهم الإمبراطورية، يشعرون اليوم بأن الأمر يعود عليهم بالسوء العميم، أتراكا وإيرانيين. فأي حظ للاستمرار في الحديث عن "محور ممانعة"؟ وهل تبقى التحاليل القديمة صالحة حتى بعد الدعم الروسي لفيدرالية كردية في سوريا؟ ألسنا -من الآن فصاعدا- إزاء محور جديد بدأت معالمه تتضح شيئا فشيئا في المنطقة بين إيران وتركيا؟ من الأكيد أن أولئك الذين كانوا يتهمون تركيا بأنها تدعم الإرهاب سيصمتون بعد الآن، كذلك الذين كانوا يصفقون لإيران ستخفت أصواتهم شيئا فشيئا. العرب على موائد اللئام. أدلة أخرى للتدليل على أنهم خارج التاريخ وخارج المستقبل أيضا.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات