البوكت يستحوذ على الرابطة..

Photo

أصدر 11 عضوا من الهيئة المديرة الجديدة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بيانا ذكروا فيه أنهم غادروا اجتماع توزيع المسؤوليات فيما بينهم، احتجاجا على جملة من المسائل من بينها "التدخل المباشر لطرف حزبي". في الشأن الرابطي، و"التوزيع المسبق للمسؤوليات خارج إطار الهيئة ومحاولة فرض سياسة الأمر الواقع". وحتى وإن لم يذكر البيان اسم الحزب المعني بالأمر، فإن المشاركين في المؤتمر يشيرون إلى أنه البوكت أي حزب العمال (الشيوعي سابقا).

وحتى وإن لم يهتم الإعلاميون بما فيه الكفاية بالبيان، فإنه يؤدي إلى طرح عدة أسئلة حول استقلالية منظمات المجتمع المدني عن الأحزاب السياسية، ومدى فائدة حزب البوكت من الهيمنة على الرابطة، وهل تبقى لها استقلالية في ظل هيمنته عليها؟ وهل يمكنها أن تحافظ على رصيدها الرمزي الذي راكمته في عهد الاستبداد؟

نعم فاز حزب البوكت في الهيئة المديرة الجديدة بـ 14 مقعدا من جملة 25، وهذا خلافا للتقاليد التي درجت عليها الرابطة منذ نشأتها في أواخر السبعينات، إذ كانت هيئاتها وفاقية بين مختلف التيارات السياسية والإيديولوجية على الساحة، وبالتالي فللمرة الأولى يسيطر حزب سياسي عليها بمفرده ويتم تهميش بقية الأطراف، وهو ما يعتبر تتويجا لمسار بدأ خلال السنوات الماضية إذ تبين الآن أن الرابطة التي كانت حريصة على أن تسد الباب أمام غزو خارجي، تركت نفسها عرضة لغزو داخلي من البوكت، حيث تبين أن عناصره كانوا يسعون إلى التحكم في الانخراطات ولم يراعوا في ذلك -كما يبدو- حتى أقرب الأقارب إليهم سياسيا وإيديولوجيا، بما في ذلك المكونات الرئيسية للجبهة الشعبية ومن بينها حزب الوطد الموحد، وكيف يمكنه أن يبرر له ما فعله معه؟

لابد من التذكير هنا بأن الرابطة لا تعدو أن تكون اليوم ظل نفسها بالمقارنة مع ما كانت عليه في الثمانينات، وإذ لم يكن هناك غيرها آنذاك فقد ظهرت منذ التسعينات منظمات أخرى أشد مضاء وفعالية من الرابطة نفسها، ولم يعد من الصعب إنشاء غيرها بعد الثورة. وبالتالي فرهان البوكت عليها يبدو فاقدا لأية مردودية سياسية، بل أن تلك الهيمنة ستسرع في تراجع مكانتها الرمزية، خاصة في ظل تراجع انتهاكات حقوق الإنسان بعد الثورة وبسبب حرية العمل السياسي أمام الجميع بدون استثناء.

كذلك فإن الرابطة اليوم ليست المنظمة الأهم على الساحة، ولا يمكنها مثلا أن تضاهي من حيث القيمة والرمزية والتاريخ الاتحاد العام التونسي للشغل الذي سيعقد مؤتمره في مطلع العام القادم، وهنا لا شك أن ما قام به البوكت في مؤتمر الرابطة سيلقي بظلاله على التحالفات في ذلك المؤتمر، فهل سيدخل البوكت السباق الانتخابي للمكتب التنفيذي للاتحاد بقائمات حزبية كما فعل في مؤتمر الرابطة؟ أم أنه سيسعى للدخول في قائمة ائتلافية مع الأطراف التي استبعدها في الرابطة وفي مقدمتها الوطد الموحد؟ وكيف يمكنه إقناعها بعد أن رأت منه جشعا لا حدود له؟ ننتظر.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات