نقلا عن صحيفة "كيهان العربي" الإيرانية بتاريخ 02 ماي 2016، صادق البرلمان الإيراني على قانون يمنح "الجنسية الإيرانية لزوجة وأبناء ووالدي الشهداء غير الإيرانيين الذين استشهدوا خلال الحرب التي فرضها نظام الطاغية المقبور صدام ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي"، في إشارة إلى الحرب العراقية الإيرانية التي دارت رحاها فيما بين 1980 و1988. للتذكير هنا فالذين يشتغلون في القوات المسلحة لبلد أجنبي يسمّون مرتزقة، وإيران هنا تعترف بأنها استعملت وتستعمل مرتزقة وها هي تكافئهم من خلال منح جنسيتها لذويهم بما يساوي التكفل بهم.
وضمن المرتزقة الذين عملوا لفائدة إيران نجد عراقيين، عملاء قاتلوا لسنوات عديدة ضد بلدهم وواجهوا الجيش العراقي، الطائفة أعلى من الوطن، ومن بين هؤلاء العملاء من لقي حتفه، وفيهم من ما يزال على قيد الحياة، بل فيهم من مازال يصول ويجول إلى حد الآن، هادي العامري مثلا الذي رشح في 2014 لتولي وزارة الداخلية العراقية، ولم ينلها. ومن المنطقي أن العملاء والمرتزقة مثلهم مثل الوشاة لا يقدّرهم أحد وحتى مشغليهم لا يشفعون لهم عند الحاجة، ثم يضعهم المؤرخون ضمن خانة الخونة.
هذا القانون الإيراني -ككل قانون- لابد من أسباب دفعت إلى التفكير فيه وصولا إلى عرضه على البرلمان والمصادقة عليه. الأكيد أن ذلك لا يمكن أن يقتصر على الحرب العراقية الإيرانية، بسبب أنها انتهت منذ 28 سنة كاملة، ورغم عدد قتلاها من الإيرانيين ومرتزقتهم، فلم تؤد آنذاك إلى صدور قانون مماثل، وبالتالي فإن هذا القانون جاء تفاعلا مع الظرفية الحالية وبعلاقة مع الحروب التي تخوضها إيران بقواتها وبما يدعمها من مرتزقة. وهو ما يشير إليه القانون نفسه إذ يشمل بمنافعه "الذين استشهدوا بعد الحرب الصدامية [نسبة إلى صدام حسين] المفروضة على إيران الذين كلفتهم المؤسسات المسؤولة بالقيام بمهام معينة". المقصود بالمؤسسات المسؤولة تلك التي تأتمر بأوامر القيادات الإيرانية، مخابرات، حرس ثوري، ميليشيات مختلفة. والمقصود بـ"مهام معينة"، تلك التي تتعلق بالقتال.
من جهة أخرى، من الواضح أن خطوة البرلمان الإيراني تكشف عن الخشية من أن تؤدي كثرة القتل في صفوف المرتزقة إلى التأثير على حركة تجنيدهم، وكأن هذا القانون الإيراني جاء لطمأنتهم على ذويهم من بعدهم، بما يضمن استمرار التحاقهم بالصفوف الإيرانية. وهو ما يجعلنا نفهم أيضا أن إيران مازالت مستمرة في سياستها الخارجية، وفي الحروب التي تخوضها بعيدا عن أراضيها، قريبا من مصالحها القومية.
كذلك إذا كانت إيران تجند مرتزقة من جنسيات مختلفة أفغان، باكستانيون، لبنانيون، عراقيون وغيرهم، للدفع بهم إلى المحارق لتحقيق أهدافها القومية تحت غطاء تصدير الثورة أو الانتصار للطائفة المظلومة، فلا بد لها من مرتزقة آخرين يقاتلون على جبهات أخرى، في الدعاية والإعلام وحتى على الشبكات الاجتماعية وغيرها. وهؤلاء ليسوا في حاجة إلى قانون مماثل، ولا هم في حاجة إلى الجنسية الإيرانية وهم يحاربون ويقبضون أجورهم.