بقي السؤال هو نفسه، لكن بقطع النظر عن ذلك وفي انتظار جواب قد يأتي وقد لا يأتي أبدا، بودي، فقط بودي، أن أسأل عن نادية الداود، جارة شكري بلعيد التي شاهدت حسب شهادتها عملية الاغتيال، وأوردت شهادتها آنذاك وسائل الإعلام، سؤالي: أين هي نادية الداود الآن؟ لماذا صمتت منذ يوم الاغتيال؟ ولماذا أهملت شهادتها؟ ولماذا لم يتساءل أحد عن الشهادة وصاحبتها، وكأنها لم تكن؟
كذلك بودي أن أسأل عن الرسالة مجهولة المصدر التي وصلت المناضلة الحقوقية راضية النصراوي في ماي 2013 والتي قالت عنها إنها تكشف معلومات عن جريمة اغتيال شكري بلعيد، وتتضمن اتهاما لجهة سياسية بذلك. وتكلمت وسائل الإعلام في حينها عن تلك الرسالة. سؤالي: رغم مرور سنوات عن الحديث عنها، لماذا لم يقع الكشف عنها للرأي العام، ولا نعرف إلى أين وصل أمرها، ولم تعد للحديث عنها لا وسائل الإعلام ولا راضية النصراوي؟
لم يقولوا لنا مثلا إن تلك الرسالة مشكوك في مصداقيتها حتى نبرر لهم الصمت. وإن كان ذلك من شأنه أن يطرح أسئلة أخرى حول الجهة التي قد تكون وراءها، وما هي الجهة السياسية التي حرصت على توجيه التهمة إليها؟ وما هي الغاية من ذلك؟
وعلى أية حال فهذه الرسالة مثلها مثل شهادة نادية الداود، نسيهما الكثيرون أو تناسوهما أو لا يريدون السماع عنهما أو بهما، ويبدو وكأن أمرهما لم يهتم به القضاء نفسه ولا المعنيون بالدرجة الأولى بالبحث عن الحقيقة، كل الحقيقة. ورغم كل ذلك فالأكيد أن التاريخ لن يهمل أمر تلك الشهادة ولا الرسالة. المؤرخ لا يختار وثائقه، وإنما يناقشها بما فيها، وبما تتحمله من إمكانيات تفنيد أو تأييد أو تشكيك أو ترجيح.