لسنا شرقا..

Photo

عرفت الخمسينات أهم تحولات في النظم الحاكمة في الوطن العربي من ملكية إلى جمهورية. مصر. العراق. تونس. بطبيعة الحال هناك بلدان عربية بقيت متشبثة بالملكية إلى يوم الناس هذا. وهناك بلدان أخرى وقع التحول فيها متأخرا. اليمن، ليبيا.

إلا أن الأهم في ذلك أن تونس هي البلد العربي الوحيد الذي تم فيه الانقلاب على الملكية دون عساكر ولا دبابات ولا إراقة دماء، وعوض بالعسكر فإن المجلس القومي التأسيسي هو من قرر عزل الباي. دون أن يدعي أحد بأن ذلك كان ثورة، ودون أن يصدر بالمناسبة البيان رقم 1، وإنما تم الأمر في كامل السلاسة.

لقائل أن يقول لم يكن هناك فرق بين الجمهوريات التي أتت بها العساكر والجمهورية التونسية، فكلها في الهمّ شرق. كذلك يمكن للمرء أن ينتقد نظام الجمهورية في تونس فيما يتعلق بالحريات أو التنمية أو المشاركة الشعبية، وأن ينتقد بورقيبة الذي كان أول رئيس لها، بل يمكن أن يُقال إنه كان بايا أي ملكا، إلا أن كل ذلك لا ينفي حالة الاستثناء هنا.

ليس هناك ادعاء في الأمر ولا غرور ولا وطنية فائضة، وإنما هي حقيقة واستثناء. لا تهم أمر الجمهورية فقط، وإنما انظروا أيضا حال الثورة عندنا بالمقارنة مع كل البلدان العربية الأخرى التي هبت عليها ريحها، قبل أن ترتد حالها.

ودون الخروج عن إعلان الجمهورية بالشكل الذي جعلها استثناء في محيطنا، فإن ما يمكن الاحتفاظ به هو أن الذين يتمنون انقلابا أو البيان رقم 1، لم يدركوا كنه التاريخ ولا روح هذه الأرض، ففيهم لوثة في التكوين، وهم مدعاة للرثاء. غير بعيد عنهم أولئك الذين يعيشون على هاجس أو خشية انقلاب. نحن هنا لسنا شرقا، كما لسنا غربا أيضا.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات