لا وجود لحركة طلابية..

Photo

في السنوات الماضية، كانت وزارة التعليم العالي تكتفي بنشر قائمة ممثلي الطلبة الناجحين في انتخاب المجالس العلمية دون الإشارة إلى انتماءاتهم النقابية. وفي كل مرة كان كلا الاتحادين الطلابيين يعلن عن فوزه فيها، دون أن نتأكد من صحة ادعاءات كل منهما بعد ذلك. الأمر اختلف هذه السنة بمناسبة الانتخابات التي جرت يوم 1 مارس.

ففي مساء ذلك اليوم أعلن الاتحاد العام لطلبة تونس عن "فوز تاريخي" بـ342 مقعدا أي بنسبة 65.5%. في حين أعلن الاتحاد العام التونسي للطلبة عن فوزه ب290 مقعدا ونسبة 52.3%. الملاحظ هنا أن الاتحاد الأول هو في الحقيقة ليس اتحادا واحدا وإنما هو اتحادان اثنان بقيادتين، والذي أعلن منهما "فوزه التاريخي" هو قريب من الفصيل السياسي اليساري المعروف بالنقابيين الراديكاليين، في حين التزم الاتحاد المرتبط بحزب العمال (البوكت) الصمت. وأما الاتحاد الثاني، فهو محسوب على الإسلاميين مع أنه فيما نعتقد أوسع من ذلك.

الجديد في انتخابات هذه السنة هو أن الوزارة أعلنت عن توزيع ممثلي الطلبة حسب انتماءاتهم النقابية. فكان نصيب الاتحاد العام التونسي للطلبة 266 مقعدا بنسبة 49% من مجموع المقاعد التي تعد 542 مقعدا، ونصيب الاتحاد العام لطلبة تونس 147 مقعدا أي 27%، في حين آلت بقية المقاعد إلى غير المنتمين إلى منظمة طلابية.

وكان من الطبيعي أن يعلن كلا الاتحادين عن رفضهما للنتائج التي أعلنتها الوزارة، إذ هناك فرق ب24 مقعدا بين ما أعلنته الوزارة وما أعلنه التونسي للطلبة، وهو فارق بسيط بالمقارنة مع الفارق الذي وصل إلى 195 مقعدا بين رقم الوزارة ورقم الاتحاد العام لطلبة تونس. وهو ما يدل عن أزمة أخلاقية حقيقية، تعكس حدة الأزمة التي يمر بها هذا الاتحاد والساحة الطلابية في عمومها.

وعلى أية حال، فإن النتائج النهائية للانتخابات الطلابية، تظهر أن ميزان القوى مال بصفة واضحة إلى جانب الاتحاد العام التونسي للطلبة، والأكيد هنا أن سبب ذلك يعود في جانب منه إلى الصراعات التي تشق الاتحاد العام لطلبة تونس من أجل توظيفه سياسيا وحزبيا لهذا الطرف أو ذاك بعيدا عن هموم الطلبة واهتماماتهم.

أما إذا تفحصنا النتائج حسب الجامعات، فإننا نلاحظ أن الاتحاد العام التونسي للطلبة قد فاز في 8 جامعات مقابل 4 للاتحاد العام لطلبة تونس. وفي حين حافظ طلبة تونس على معاقله القديمة في جامعتي تونس ومنوبة، وفاز خاصة في جامعة جندوبة بالشمال الغربي ب19 مقعدا مقابل 6، فإن الاتحاد العام التونسي للطلبة هيمن بشكل واضح في جامعات تونس المنار والمنستير وقفصة وصفاقس وسجل أهم فارق في جامعة قرطاج ب31 مقعدا مقابل 5 فقط للاتحاد العام لطلبة تونس. نشير كذلك إلى تفوق التونسي للطلبة في المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية حيث فاز ب64 مقعدا مقابل 17.

أما بالنسبة إلى التوزيع حسب الاختصاصات، فإن الاتحاد العام لطلبة تونس فاز في مدارس وكليات الآداب واللغات والإنسانيات والفنون والحرف والحقوق، وهي الاختصاصات التي ترتبط بالعقلانية والفكر النقدي بما يجعلها مفتوحة على الأفكار اليسارية.

غير أن ذلك لا يحجب عنا أن الاتحاد العام التونسي للطلبة سجل حضورا لافتا على هذا الصعيد حيث فاز بخمسة مقاعد على مجموع 6 في كليتي الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس وسوسة فضلا عن 9 مقاعد أخرى في مؤسسات أقل أهمية. إضافة إلى ذلك فإن هيمنة التونسي للطلبة تتجسد أساسا في اختصاصات العلوم والهندسة والإعلامية والتكنولوجيا والاقتصاد والتصرف والعلوم الفلاحية، وهي الاختصاصات التي لا تتعارض مع التدين وينمو فيها التيار الإسلامي.

ملاحظة أخيرة لا بد منها وهي أن إجراء الانتخابات لا يعني شيئا إذا توقفت المنظمات النقابية عن العمل في صفوف الطلبة ولم يعد للتيارات السياسية الطلابية وجود يذكر حتى كادت التحركات الطلابية أن تنعدم تماما. بمعنى أن الانتخابات الطلابية لا معنى لها في غياب الحركة الطلابية، ولا دور لممثلي الطلبة إذا لم تكن وراءهم من يدعمهم.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات