المرزوقي ليس في حاجة إلى الدفاع

Photo

كان دائما موضوع هجومات مجانية ومجانبة للعقل والصواب في الكثير من الأحيان. نتذكر أنه كان طيلة العهد النوفمبري الموضوع المفضل للشتم والسب والتشويه والكاريكاتور، تكفي العودة هنا إلى صحف "الإعلان" و"كل الناس" و"الحدث" وغيرها من الصحف الصفراء.

وحتى عندما أصبح رئيسا لم تتركه نفس الأقلام، فاستهدفته منذ الكلمة الأولى في اليوم الأول لرئاسته عندما ذكر عبارة "السافرات" فسمعتها آذان البعض سافلات، ولم يفهم -نعم لم يفهم- البعض من الإعلاميين معناها، فراحوا يردون عليها في الصحف المكتوبة وفي البلاتوهات، واستمروا في التشويه والسخرية والشيطنة، حتى وصلوا إلى فبركة الأحاديث والتصريحات التي يقوم بها. وها هو اليوم المرزوقي للمرة الألف موضوع للتهجم والتشويه كما لو أن هناك إشارة صدرت من نفس الجهة لشيطنته.

البعض يقوم بذلك بمقدار ما يقبضونه من مال، والبعض بما يقودهم من خلفيات جهوية وعنصرية، والبعض وفاء منهم لما تربوا عليه تحت رعاية وكالة الاتصال الخارجي سيئة الذكر، أو خضوعا لأوامر المركب الجهوي الأمني المالي.

أولئك جميعا، المرزوقي يتجاهلونه ولا يكادون يأتون على ذكره إلا للتهجم عليه دون أن يتركوا له الفرصة للدفاع عن نفسه، وفي نفس الوقت هم يريدون لوسائل الإعلام العالمية أن تتجاهله أو -لو كانت بأيديهم- أن تنخرط معهم في تشويهه وشيطنته. تكفي مقارنة حضوره في وسائل الإعلام عندنا مع حضور أي سياسي آخر، وتكفي مقارنة مواقف الإعلاميين عندنا عندما يحاورونه مع مواقفهم عندما يحاورون سياسيين آخرين. وتكفي المقارنة بين حواراته هو في وسائل إعلام أجنبية مع حوارات لسياسيين تونسيين آخرين مع صحافيين أجانب، مرزوق مثلا.

إلا أن المرزوقي، من سوء حظهم، أصبح -من فرط حملاتهم- محصّنا ضد التشويه، بل أصبح في غير حاجة إلى من يتولى الدفاع عنه، أكثر من ذلك تلك الحملات نفسها تزيد في شعبيته وتكسبه تأثيرا على الجمهور العريض، لأن مثلها حملات في وسائل إعلام تفتقد إلى المصداقية من شأنها أن يكون لها مفعول عكسي، خلاف ما يأملون. نعم قد يؤثرون بحجم أو بآخر على قسم من الناس إلا أن جمهورا واسعا يتعاطف عادة من من يعتبرهم ضحايا. وعلى أية حال فرغم حملاتهم ومن خلالها، نكتشف أن المرزوقي يكتسح سبر الآراء الحقيقية التي لا يصرحون بنتائجها، وما الشيطنة التي يتعرض لها اليوم إلا محاولة للحد من نتائج تلك الأسبار.

ومهما يكن من أمر فالمرزوقي يمكنك أن لا تتفق معه في الكثير أو القليل من المسائل والمواقف، ولكن لا يمكنك أن تعتبره مرجوحا بالمقارنة مع أي من الفاعلين على الساحة السياسية. دعنا من ماضيه الحقوقي ودوره في تسفيه المنظومة النوفمبرية في أيام عزها وعتوها، فلا أحد ممن يتهجمون عليه يمكنه أن يخدش في ذمته ماليا ولا أخلاقيا، في حين نعرف أنهم يأتمرون بإشارات الفاسدين والساقطين. وعلى هذا الصعيد فتشويه المرزوقي يزيد في تعرية المنظومة القائمة، ويكشف سقوطها الأخلاقي والقيمي.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات