مات عليّ..

Photo

موت علي عبد الله صالح التراجيدي يذكّرنا بموت القذافي. لم تقتله أكثر من محاولة للانقلاب على حكمه، ولم تقتله الثورة اليمنية السلمية، ولم تقتله أمريكا أو عملاؤها حتى يُكتب شهيدا، ولم تصدر عليه أي محكمة حكما -حتى ظالما- بالإعدام، وإنما قتلته ميليشيا الحوثي التي استعان بها -هو نفسه- للإجهاز على الثورة ووأد مطالبها بالحرية والكرامة الديمقراطية.

وهو بالفعل يشترك مع الحوثيين على هذا الصعيد، وترعبهم جميعا إرادة الشعب إن وجدت طريقها للتجسيد. بل أن ترؤسه للجمهورية طيلة ثلث قرن، لا يعني اختلافا جوهريا بالمقارنة مع هدف الحوثيين باستعادة حكم الإمامة الثيوقراطي.

وأما خطأه القاتل فهو أنه لم يرتق إلى مستوى المسؤولية التي كان يضطلع بها على رأس الدولة طيلة ثلث قرن، فلم يتمثل ثقافة الدولة، والدليل على ذلك أنه فتح أبواب صنعاء أمام ميليشيا الحوثي التي هدفها الأساسي هو هدم الدولة، ولم يكن يضيرها في الأثناء أن تستخدم كل الشناعات أو توجه أسلحتها إلى رأسه هو فترديه قتيلا تحت صيحات "الله أكبر".

لقد سبق لهذه الميليشيا أن التقت معه على وأد الثورة اليمنية، تماما كما التقوا مع السعودية ومع إيران ومع الإمارات على نفس الهدف، رغم اصطفافهم في مواجهة بعضهم البعض في اليمن وحتى خارجه، ولم يكن يهمهم في الأثناء أن يتسببوا في سقوط اليمنيين قتلى وجرحى أو تنهك أجسامهم الأمراض الفتاكة والمجاعات أو يعودوا إلى عصور الظلام والجهل.

مات علي عبد الله صالح وفي رقبته كل تلك المآسي، فهو الذي مهّد لها حرصه على الحكم والتسلط، والأكيد أن اليمنيين لن يعتبروه زعيما وطنيا، كما لن يفوز قتلته بالراحة، ولن يحظوا بمصير مغاير.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات