طبقا للإحصائيات التي كشف عنها المعهد الوطني للإحصاء ، فقد ارتفعت نسبة البطالة خلال الثلاثي الثاني من هذه السنة بالمقارنة مع الثلاثي الأول من 15.4% إلى 15.6%. وهي نسبة قياسية لم يسبق لها أن سجلت خلال السنوات الثلاث الماضية. يمكن تقسيم ولايات الجمهورية حسب نسبة البطالة فيها إلى ثلاث مجموعات:
*المجموعة الأولى- الولايات التي تقل فيها نسبة البطالة عن المعدل الوطني وعددها 9، وهي على التوالي: المنستير 6.6؛ صفاقس 9,8؛ نابل 10,3، زغوان 10,5؛ الكاف 11,0؛ بنزرت 11,5؛ أريانة 11,6؛ سوسة 11,6؛ المهدية 12,2.
ما يلفت الانتباه هو أن أضعف نسبة للبطالة سجلت بولاية المنستير، وهذا يعود ولاشك إلى ما حظيت به خلال العهد البورقيبي من تمييز إيجابي. حتى أن الأزمة التي تمر بها السياحة حاليا تبدو وكأنها لم تؤثر فيها بصفة ملحوظة. الملاحظة نفسها تنطبق على ولايتي نابل وسوسة اللتين يرتكز اقتصادهما على السياحة ورغم ذلك فنسبة البطالة بهما بقيت دون المعدل الوطني بكثير. وإذا كانت سوسة لا تختلف كثيرا عن المنستير من حيث تركز العديد من المؤسسات الصناعية خاصة، فإن ولاية نابل تشترك مع ولايات زغوان وأريانة وبنزرت في قربها من العاصمة، وهو ما ساهم في تخفيف البطالة فيها، حيث ينتقل المئات يوميا من هاته الولايات إلى العاصمة للعمل والعودة في المساء.
كما أن هناك العديد من المشاريع الصناعية التي انتصبت بهذه الولايات القريبة من العاصمة والتي يتمتع باعثوها بالعديد من الامتيازات بما جعلهم يخيرون الانتصاب بها عوضا عن ولايات العاصمة. أما بالنسبة لصفاقس فتوجد بها العديد من المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي أنشأها الخواص والتي ساهمت في التخفيض من نسبة البطالة. وبالنسبة للمهدية فإن الصيد البحري يستوعب أعداد كبيرة من اليد العاملة. أما بالنسبة لولاية الكاف فإن النزوح إلى العاصمة ساهم في التخفيف من نسبة البطالة.
*المجموعة الثانية- حيث تساوي نسبة البطالة المعدل الوطني، وتضم ولايتي القيروان 15.2% وسيدي بوزيد 15.4%، وهذه النسب لا تعود إلى توفر مؤسسات بهذه الولايات، وإنما لحركة النزوح نحو الولايات المجاورة بما خفف نسبيا من نسبة البطالة بالولايتين.
*المجموعة الثالثة، وتضم الولايات التي تتجاوز فيها نسبة البطالة المعدل الوطني وتضم الولايات التالية: بن عروس18,4؛ تونس 19,5؛ منوبة 21,7؛ باجة 18,5؛ جندوبة 20,1؛ سليانة 17,2؛ القصرين21,7؛ قابس 24,0؛ مدنين 19,9؛ تطاوين 32,0؛ قفصة 28,2؛ توزر 20,9؛ قبلي 25,8. ما يلاحظ بالنسبة لهذه المجموعة أن ثلاث من ولايات العاصمة تعاني من ارتفاع نسبة البطالة، وهذا يعود إلى غلق العديد من المؤسسات بها بعد الثورة، ثم أيضا إلى مواظبة العاطلين على تسجيل أسمائهم بمكاتب التشغيل.
أما بالنسبة لبقية الولايات سواء التي صوتت لنداء تونس بالشمال الغربي أو التي صوتت ضده بالوسط الغربي وبالجنوب، فإن هذه الولايات لم تحظ باهتمام الدولة بما لم يسمح ببعث مؤسسات صناعية ولا تشجيع للفلاحة وحل المشاكل العقارية. فبقيت تعاني من هذا الإرث الذي لا يبدو أن هناك أفقا لتجاوزه. في الأثناء لابد أن نحتفظ بأن نسبة البطالة بولاية تطاوين تساوي أكثر من ضعف المعدل الوطني.
إن اختلاف نسبة البطالة من ولاية إلى أخرى يعكس اختلال التوازن الجهوي، وهذه الوضعية غير مرشحة للتغير في أمد منظور، خاصة في غياب تمييز حقيقي لفائدة المناطق الداخلية التي لم تحظ بنصيبها من التنمية في دولة الاستقلال.