دور فرنسا في السيناريو..

Photo

من المهم الإشارة إلى أن نيكولا بو كان قد عمل في لومند وليبراسيون والبطة المقيدة، تلك الصحف التي كان لها اعتبارها وتأثيرها على حكام تونس، ولا يمر مقال عن بلادنا دون أن يحدث ضجة أو يترك أثرا مباشرا على أصحاب القرار. ومن خلال ما كتبه بو عن تونس أو على الأقل الكتابين اللذين ساهم فيهما "صديقنا بن علي" (1999) و"حاكمة قرطاج" (2009) يمكن أن نكتشف بيسر صلاته مع المخابرات الفرنسية. هذا تلميح لابد منه في البداية.

سبق لي وأن كتبت بأن يوسف الشاهد ما كان له أن يتكلم بتلك اللهجة المرتفعة إزاء حافظ ابن أبيه، لو لم يتلق إشارات دعم شخصي له من قوة خارجية. اليوم، وبقطع النظر عن صحة سيناريو الانقلاب من عدمه، فما كتبه نيكولا بو كشف اسم تلك القوة ألا وهي فرنسا، وهذا نستشفه من إشارته إلى التقرير الاستخباراتي حول لقاء لطفي براهم مع رئيس المخابرات الإماراتية. وهنا فبطبيعة الحال عندما نتكلم عن الإمارات فالمقصود بذلك المحور الذي يربطها بالسعودية ومصر والذي له اليد الطولى في المناطق القريبة منه.

علما وأن فرنسا تتماهى مع هذا المحور فيما يتعلق بالملف الليبي، إلا أنها تحرص -كما سارت عليه دائما- على عدم التسليم في حديقتها الخلفية المتمثلة في مستعمراتها القديمة ومن بينها تونس، ومن هنا يأتي موقفها المتمايز عن المحور الإماراتي السعودي المصري، أو هذا هو مضمون الرسالة التي تتبدى من خلال مقال نيكولا بو والموجهة إلى رؤوس ذلك المحور وإلى من يريد أن يقرأ ذلك في الداخل التونسي.

تبقى أن الإشارة إلى الاستخبارات الألمانية تعني أن فرنسا مسنودة من قبل الألمان؛ وأما ذكر الاستخبارات الجزائرية، فيؤكد أن الجزائر تختلف عن ذلك المحور فيما يتعلق بالساحة التونسية، كما أنها تختلف عنه فيما يتعلق بالملف الليبي.

وهنا فالدعم الفرنسي الواضح ليوسف الشاهد، يستوجب سندا حزبيا داخليا، ومن هذه الزاوية ففي الحديث عن انقلاب يستهدف النهضة تذكير لها بما تتعرض له حركات الإسلام السياسي في المنطقة، في محاولة لدفعها كأقوى حزب في البلاد إلى دعم يوسف الشاهد، ويوسف الشاهد عليه أن يظهر حزمه إزاء الانقلابيين، حتى يظهر كدرع لحماية النهضة.

إلا أن ذلك غير كاف بالنسبة إليه، وإنما عليه أن يعيد ترتيب البيت الندائي بما يهيئ له الطريق إلى انتخابات 2019. وهذا يذكرنا بتراجع أو حتى اندثار بعض الأطراف الحزبية القريبة من القلب السياسي الفرنسي.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات