رغم أن فرنسا تنعت بالأنوار، وكان أساطين الاستعمار يقولون بأنهم جاؤوا إلى تونس لنشر رسالتهم التمدينية، فإن اللغة الفرنسية لم يتعلمها إلا نسبة ضئيلة من التونسيين، حيث لم تسع فرنسا إلى نشر التعليم بينهم. هذا قامت به دولة الاستقلال التي عممت التعليم، وانتشرت بالتالي اللغة الفرنسية بتمويل من دافعي الضرائب التونسيين، فمن ساعد من؟
في الأثناء، لم أنْس أن فرنسا قدمت بعض مساعدات من أجل التمكين للغتها في بلادنا بعد الاستقلال، إذ أرسلت متعاونين فنيين، الكثير منهم كانوا عوض إجراء خدمتهم العسكرية يأتون إلى تونس كمعلمين أو أساتذة أو حتى أساتذة جامعيين، رغم عدم حيازة بعضهم على الشهادة أو التجربة التي تخول لهم ذلك؛ وهنا حظوا بامتيازات شتى. من ساعد من؟
كذلك منذ عقود كانت فرنسا (وليست وحدها في الغرب) تفتح جامعاتها أمام التلاميذ التونسيين المتفوقين في الباكالوريا لمواصلة دراستهم هناك، بعد أن كان دافعو الضرائب التونسيون قد قاموا بواجبهم وتولت الدولة التونسية تغطية تعليمهم الابتدائي والثانوي. والكثير منهم يبقون بعد تخرجهم في فرنسا للعمل في مؤسساتها وإفادة اقتصادها، فمن يساعد من؟
آخرون يلتحقون بفرنسا بعد أن يكونوا مروا بالمعاهد التحضيرية العليا بتونس والتي تموّلها الدولة التونسية، ثم يكملون دراساتهم العليا بفرنسا ويبقون بها في الغالب الأعم بعد تخرجهم. فمن يساعد من؟
آخرون من خريجي الجامعات التونسية فيهم مهندسون وأطباء وجراحون ومعماريون ومختصون في الكمبيوتر وغيرهم ممن وصلوا إلى ما وصلوا إليه بفضل دافعي الضرائب التونسيين، يجدون سهولة في الحصول على التأشيرة إلى فرنسا، لعل لك يغريهم للهجرة والاستقرار هناك، وهو ما يفعله الكثير. وهو ما يعبر عنه بهجرة الأدمغة. فمن يساعد من؟