سخريات..

Photo

عندما تجتمع دول مثل المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية والإمارات العربية المتحدة (لاحظوا الأسماء الثلاثية لكل منها) لتتهم دويلة مثل قطر بدعم الإرهاب، فهذا مدعاة للسخرية. ليس فقط لأن قطر حتى لو دعمت الإرهاب فهي ليست قادرة على فعل شيء ميداني، وإنما لأن الدول الأربع تصنع الإرهاب وتؤججه وترعاه وتحرص على استمراره، ولسنا في حاجة هنا إلى التذكير بدور السعودية مثلا التي ينحدر منها بن لادن والقاعدة وأغلب المشاركين في 11 سبتمبر. وإنما يكفي أن تلك الدول تحكمها أنظمة مستبدة والاستبداد هو الوجه الآخر للإرهاب، والإرهاب هو الابن الشرعي للاستبداد.

لكن ما يدعو للسخرية أكثر هو أن السعودية التي تتحالف مع قطر على الجبهتين السورية واليمنية، تدور عليها، كما لو أن ذلك سيمكنها من حسم المعارك التي تخوضها هناك عن طريق الوكلاء من الإرهابيين فعلا. بما يؤكد لمن لا يعرف تاريخ آل سعود مع العراق في عهد صدام حسين ومع اليمن بعد الثورة، كيف أنهم يؤكدون في كل مرة أنهم مسخرة حقيقية. ينفقون أموالهم ويسخّرون إعلامهم وإمكانياتهم بما يعود عليهم في آخر المطاف بالوبال.

وما يدعو إلى مزيد من السخرية أن من المطالب الأكيدة للدول الأربع هو "إغلاق قناة الجزيرة". نعم هذه القناة قد تعجب البعض وقد لا تعجب آخرين، إلا أن المطالبة بإغلاقها يعتبر تعديا على حرية التعبير، كما لو أن القوم آتون من زمن آخر، غير عصر الفضاءات المفتوحة والانترنت، وهنا موقع آخر للسخرية من تلك الأنظمة القروسطية في ممارساتها، وفي تفكيرها وتخطيطها.

سمعت أو قرأت لسعوديين يشبّهون قطر بالضفدعة التي تريد أن تصبح بقرة. ودون التعليق عن البقرة التي تصرّ أن تكون ضاحكة وحلوبا، فإن الجزيرة قصة نجاح قطرية، وهي التي عرّفت بقطر ولم تكن معروفة على الخريطة قبلها، وموقع السخرية هنا أن تطلب تلك الدول منها أن تتخلى عن سبب إشعاعها وقصة نجاحها، دون أن يدرك أحد منها أن هذا الطلب هو شبيه بدعوة السعودية مثلا للتخلي عن إنتاج النفط، رغم أن النفط لم يكن هنا قصة نجاح، أو دعوة مصر للتخلي عن أهراماتها.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات