الباجي خارج المعركة..

Photo

الباجي هل كان داخل أم خارج بنزرت خلال المعركة؟ الجواب لا يختلف فيه اثنان إذا استثنينا العم علي بن سالم الذي قال متحدثا عن معركة بنزرت إن "الباجي كان قايد هنا وقت المعركة، وجاب ربي ما تجرحشي وما ماتشي. الكلهم هربوا إلا الباجي ما هربشي". لما سمعت ذلك الكلام قلت للسن أحكامها، الأكيد أن العم علي بن سالم لا يعرف أن الباجي تحدث بنفسه بإطناب عن معركة بنزرت، وبيّن ما فعله بالضبط وليس في حاجة إلى من يكذّبه حتى وإن كان لإعطائه دورا لم يقم به حقيقة، حيث لم تسمح له به مؤهلاته الشخصية ولا موقعه في الدولة آنذاك، ونعرف أنه لم يشارك قبل ذلك في المقاومة المباشرة ضد النظام الاستعماري سنوات 1952-1954. وربما كانت معركة بنزرت فرصة له للقيام بدور بطولي، إلا أنه لم يستغلها. الله غالب.

مرجعنا في ذلك كتابه المعنون "الحبيب بورقيبة المهم والأهم"، الصادر بالفرنسية عام 2009، ثم بالعربية عام 2011. في النسخة الفرنسية خصص الباجي قايد السبسي فصلا كاملا عن حرب بنزرت (ص 93-124). وقد ذكر فيه إنه جاء إلى بنزرت عشية يوم 18 جويلية 1961 رفقة الطيب المهيري وعبد المجيد شاكر، وعقدوا جلسة عمل مع الوالي ومعاونيه ثم حضروا اجتماعا شعبيا تكلم فيه الطيب المهيري. ثم عادوا على آخر بطاح إلى العاصمة في نفس اليوم أي يوم 18 جويلية (ص 108). لسنا بحاجة إلى التأكيد هنا أن الباجي باعترافه لم يكن هو الشخص الرئيسي حتى في تلك الزيارة الخاطفة وإنما كان دوره ثانويا، ومن غير المتوقع أن يكون أكثر أهمية.

ومن المهم هنا قوله بأن الطائرات الفرنسية التي حامت فوق الاجتماع، كانت إيذانا ببداية المعركة، وبالتالي فإن خروجه من المدينة قبل اندلاعها بساعات يوم 19 جويلية على الساعة الصفر، قد يُعتبر هروبا لا يختلف عن هروب بعض المسؤولين الذين أشار إليهم العم علي بن سالم في شهادته البرقية.

وعلى أية حال فإن المعركة قد دارت كما نعرف فيما بين 19 و22 جويلية 1961، وطيلة تلك الأيام الأربعة لم تطأ قدما الباجي أرض بنزرت، ولا جاء إليها بعد أربعة أيام أخرى، وإنما زارها كما ورد في شهادته يوم 26 جويلية رفقة الأمين العام للأمم المتحدة داغ همرشولد (ص 112). وحينئذ كان من الطبيعي أن لا يُصاب بأي أذى في معركة بنزرت، خلافا للذين لم يهربوا منها، فالآلاف من بينهم قد استشهدوا كما نعرف.

بطبيعة الحال، هذا الكلام غير موجه لتكذيب العم علي بن سالم، فمن العيب أن أفعل ذلك والأكيد أنه لن يطلع عليه، ولكنه موجه إلى الإعلاميين الذين كان بإمكانهم إنارة الرأي العام لا الاكتفاء بإعادة كلام الرجل بدون تعليق ولا تصحيح، ولم يكن الأمر صعب المنال، فكان يكفيهم الاطلاع على بعض الصفحات من الشهادة المنشورة للباجي قايد السبسي نفسه.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات