الترويكا بدون بشار..

Photo

لم يحل اغتيال السفير الروسي في أنقرة يوم 19 ديسمبر، دون انعقاد اجتماع وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا في اليوم الموالي، الثلاثاء 20. وبالفعل فما فاجأ المتابعين هو برودة رد الفعل الروسي حتى أن بوتين علق بأن الحادثة كانت "استفزازا" يستهدف نسف تطبيع العلاقات بين البلدين، وهو ما يعكس حرص موسكو على إتمام الاجتماع مهما كان الثمن.

أن ينعقد الاجتماع في موسكو فذلك ليس خاليا من دلالات، فالطائرات الروسية هي التي حسمت الوضع الميداني في حلب. وأن تحضر إيران فذلك أساسا بفضل الميليشيات الشيعية التي استقدمتها إلى سوريا من لبنان والعراق وباكستان وأذريبجان وغيرها. وأن يحضر الأتراك فذلك لأن لهم تأثيرهم بين الثوار ثم أن تركيا هي البلد الحدودي الوحيد بين المجتمعين والأكثر احتضانا للاجئين السوريين.

في نهاية الاجتماع تكلم وزير الخارجية الروسي لافروف باسم البلدان الثلاثة ليقول بأن "صيغة الترويكا قد أظهرت (في الممارسة) مدى ملاءمتها"، وهو ما يعني أن هناك تجاوبا بين المجتمعين الثلاثة الذين سيكونون حسب تعبيره "ضامنين" لمحادثات السلام بين النظام السوري ومعارضيه. وهكذا فإن هذه الترويكا هي التي تمسك بالملف السوري من أطرافه.

في نفس الوقت يغيب الأمريكان والأوربيون والعرب من المحيط إلى الخليج. إلا أن أهم ما يثير الانتباه والاهتمام هنا غياب من يُفترض أنه معنيّ بالأمر، أي بشار أو من يمثله، بما يجعله عمليا في ما يشبه وضعية المنهزم أو المحجّر عليه، كما لو أن الموضوع لا يهم سوريا. وقد لا يقتصر الأمر على هذا الاجتماع، وإنما يؤشر على أنه خارج اللعبة.

في انتظار ذلك فإن اجتماع موسكو يعني أن الروس يحاولون تعديل الصورة التي بدوا عليها في العالم الإسلامي، والاتجاه نحو موقف متوازن بين السنة والشيعة. كذلك فإن اجتماع الترويكا يعني غلق الملف الكردي. والمستفيد الأول من ذلك هو تركيا أولا وإيران ثانيا، حيث أن انفصال إقليم كردي سوري يهيئ الأرضية لقيام دولة كردية تأخذ جغرافيتها من البلدان الثلاثة إضافة إلى العراق. روسيا كانت قد فكرت في مثل هذا السيناريو في شهر مارس الماضي، وها هي تتخلى عنه اليوم.

الواضح من كل ذلك أن العرب خارج اللعبة، خارج التاريخ.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات