اثنان وسبعون..

Photo

زائد 72 ناقص 72، لا يغير من الأمر شيئا، وماذا يعنيه ذلك الرقم حقيقة وقد تجاوز عدد القتلى 300 ألف، أي بمعدل يومي، على امتداد ست سنوات، يفوق 132 قتيلا أو شهيدا أو قبرا جديدا؟ وإذا كان 72 دون المعدل اليومي بكثير، فما الذي يختلف حقيقة حتى وإن كان جميع الذين سقطوا أبرياء أو أطفالا أو نساء أو عُجزا أو شيوخا أو معوقين، ما الذي يغير بالضبط، وقد مات أو قتل أو خنق أو استشهد غيرهم أضعافا مضاعفة، فما الفرق حقيقة لو أضيف إليهم رقم 72 اسما أو لقبا أو مجهولا؟ لا شيء، أم هناك من يرى فارقا يذكر؟

وأن يكونوا قتلوا بالأسلحة الكيمياوية أو بالبراميل المتفجرة أو بالقنابل العنقودية أو بالصواريخ أو بالرصاص أو بالجحيم أو حتى بمجرد الرعب، لا يفرق ذلك كثيرا. فقد سبق أن جربت كل تلك الأسلحة الفتاكة وكل الوسائل المدمرة للبشر والحجر، وأيضا للضمائر والمبادئ والقيم.

فما الجديد إذن حتى يكون لموت 72 آخرين تأثير يذكر على الضمائر أو المشاعر أو المواقف، وقد ماتت جميعها في الفاعلين والمتفرجين معا، وكانت أمْوَتَ في الصامتين مؤقتا أو دائما، وفي الذين لا يسمعون والذين لا ضمير لهم.

ما الذي يمكن أن ينتظره من الآن فصاعدا أصحاب المواقف الإنسانية أو المدافعون عن حقوق الإنسان أو حتى الناس العاديين؟ هل يعتقدون فعلا أنه سيُسمع إليهم ويقنعون بما كانوا يقولون، بعد الامتحان العسير الذي جربت فيه كل المبادئ والدعوات الجميلة فلم تصمد؟ هل يمكن أن تنطلي على أحد التصريحات المنددة أو المنافقة الصادرة من هنا أو هناك؟ وهل يمكن لمجلس الأمن أن لا يثير السخرية بعد اليوم، ومثله المجتمع الدولي؟

وأما المهللون والمباركون والمبررون والمستبشرون، فمع الأسف، هم في حالة يرثى لها. فقد كشفوا عن أنهم كتائب فاشية لا غير. لقد ظهروا في قمصان سوداء، فاشيون على استعداد تام لإشعال حروب أهلية هنا وهناك مع أنهم دون القدرة على خوضها إلى النهاية.

وإلا فهل يمكن أن يبرر قتل الأبرياء باستعمال مختلف الوسائل الفتاكة؟ وهل يمكن أن يستمر الكلام عن تحرير الأرض بمن يدمر الإنسان؟ وهل يمكن تصديق الحديث عن المقاومة في الوقت الذي تم فيه تخريب وطن؟ وأي معنى لمقاومة الصهيونية إن كان من يرفع الشعار قد فعل أكثر مما فعل الصهاينة أضعافا مضاعفة؟

إن لم يكن لما جرى خلال السنوات الماضية من نتيجة إلا الكشف عن زيف الكثيرين وزيف الكثير من الشعارات، فهو مكسب كبير لا يمكن تحقيق مثله كل يوم، وإنما فقط في أزمنة الثورات. درس كبير، ودليل قاطع.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات