شيطنة المرزوقي..

Photo

لا تخمد حملة حتى تُثار أخرى. وكأن المرزوقي المطلوب هو المدفون. وإلا فكل ما يقوله المرزوقي لا يصلح إلا لإدانته ومحاكمته وحرمانه من جنسيته أو حتى من تسميته بالرئيس السابق. هذا قاع لا قرار له. لم ننس أن الصحافة الصفراء في عهد المخلوع كانت تتصرف معه بنفس المنطق والآليات وحتى العبارات. ولا غرو فمن يتولون أمرها لم يتغيروا، ولم يتغير إلى حد الآن.

أما بالنسبة إلى موضوع الحملة هذه الأيام، فهو ما قاله في "الجزيرة" حول غزوة السفارة الأمريكية في سبتمبر 2012، ولا يدرك الخائضون أن ما قاله هو مجرد شهادة، والشهادة لا تسقط بمعارضتها بشهادات أخرى. والمثير للسخرية هنا أن تتبنى الصحافة الصفراء نفسها شهادات أخرى لقريبين من الحدث، وتقدمها على أنها هي الحقيقة، مقابل شهادة المرزوقي التي تعتبرها مضروبة.

المؤرخ عندما يكون أمام شهادات مختلفة، لا يمكنه أن يفضّل إحداها على الأخرى مسبقا، وإنما كلها صالحة فقط تستوجب المقارنة بينها والاعتماد على وثائق أخرى مسجلة أو مكتوبة، لا شك أنها متوفرة في مكان ما. بطبيعة الحال مستوى الخائضين في الموضوع لا يسمح لهم بذلك، ولذلك فما يقولونه مثير للسخرية.

والمثير للسخرية أكثر أن يتحدثوا عن توقيت شهادة المرزوقي، أو أنه تكلم في قناة "أجنبية" كأن هؤلاء لم يسمعوا بالعولمة، أو كأن القنوات "الوطنية" إحداها أو بعضها، قد طلبت من المرزوقي شهادته أو حتى رأيه في أي شأن من شؤون البلاد، فرفض أن يمدها بما طلبت منه.

آخرون يعترضون بداعي ضرورة الالتزام بالتحفظ، وكأنه لا علم لهم بقانون النفاذ إلى المعلومة، أو كأنهم لم يسمعوا بتسريبات ويكيليكس أو أنهم تحولوا بين عشية وضحاها ملكيين أكثر من الملك. أو كأنهم استنكروا ما كانت تقوله الصفراء عن فواتير القاروص وغيرها.

هذا لا يعتبر دفاعا عن المرزوقي، وإنما هو دفاع عن عقولنا. وباستثناء ذلك فمثل حملات الشيطنة التي يتعرض لها، لم تمنعه من أصوات ما يقرب من نصف الناخبين في الانتخابات السابقة. وقد تأتي الشيطنة في كل انتخابات بخلاف ما يريده ويخطط له القائمون بها.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات