انعقد فيما بين 2 و4 سبتمبر الجاري المؤتمر الأول لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، وقد أمكن لنا أن نلاحظ ما يلي:
• أن هناك عدم انسجام بين هذا الحزب والجبهة الشعبية التي هو أحد مكوناتها، ولعل الدليل على ذلك أن صفحة الجبهة على الفيسبوك لم تُشر ولو بكلمة إلى المؤتمر في يومه الأول، واكتفت بعد ذلك بنشر كلمة حمة الهمامي في الجلسة الافتتاحية. وهو ما تفعله عادة بالنسبة لتدخلاته في الإذاعات أو القنوات التلفزية، ولم تنشر بقية التدخلات أو أية أخبار عن المؤتمر. وكأن الجبهة لا يعنيها إلا ما يقوله أمينها العام، دون بقية الأمناء بما في ذلك زياد لخضر وأحمد الصديق عضوي مجلس أمناء الجبهة والنائبين عنها في مجلس نواب الشعب واللذين ألقيا هما أيضا كلمتين في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر.
• أن مخرجات المؤتمر لم تنشر منها إلا نتائج انتخابات المجلس الوطني. وهذا لا يخرج بالنسبة لي عن إحدى فرضيتين:
-الفرضية الأولى : أن المؤتمر صدرت عنه لوائح، إلا أنه وقع التكتم عليها، وفي هذه الحالة فالحزب لم يخرج عن تقاليد التنظيمات السرية والمنغلقة عن نفسها؛ وكأن علاقتها بالجمهور العريض يقتصر على الاستحقاقات الانتخابية.
-الفرضية الثانية : أن المؤتمر كان انتخابيا فقط، وفي هذه الحالة كان يمكن الإعلان منذ البداية على أنه مؤتمر انتخابي دون أن يحمل رقما أو يوضع له شعار أو يمتد على ثلاثة أيام كاملة.
فبالنسبة للفرضية الأولى، إن الحياة الديمقراطية تفترض شيئا من الشفافية، ليس فقط فيما يتعلق بالوضعية المالية للحزب خلال فترة ما بين مؤتمرين، وهو ما يهم الرأي العام ومن حقه ذلك، وإنما أيضا الكشف عن توجهات الحزب ومواقفه من مختلف القضايا، خاصة ونحن لا نعرف أية أدبيات منشورة له. وكذا خاصة إذا تعلق الأمر بالمؤتمرات ومن بينها المؤتمر الأول الذي من المفترض أن تصدر عنه لوائح، وهي فرصة للحزب للتعريف بنفسه وعرض برامجه على الجمهور العريض.
أما إذا اقتصر المؤتمر على انتخاب المجلس الوطني، فهذا يدل على نوع من التهرب من طرح المسائل المضمونية، حيث من المفترض بعد خمس سنوات من النشاط العلني في ظل الديمقراطية وتحت قبة البرلمان أن يكون الحزب قد تخلص من التكلس الذي فرضته عليه السرية والدكتاتورية. وإن عدم طرح المضمون في المؤتمر يعطي إشارة سلبية بهذا الصدد. و إلا فالمثير للغرابة أن لا يقع الكشف عن لوائح المؤتمر في حين تم نشر قائمة المجلس الوطني المنتخب.
ويهمنا هنا أن نلاحظ بالنسبة إلى هذه الهيئة القيادية، أن هناك استمرارية على الأقل من خلال اسمي القياديين اللذين يتصدرانها، محمد جمور وزياد الأخضر. أما بقية الأسماء فالأكيد أنها تعني شيئا ما داخل الحزب لا في الساحة السياسية، نضيف كذلك بأننا لا نجد ضمن 25 اسما إلا 4 نساء، أي ما نسبته 16% فقط، وهي نسبة متدنية جدا جديرة بحزب شبه محافظ.