الضرب في حمدين حرام

Photo

في الفاتح من سبتمبر عزف النشيد الرسمي الصهيوني هَتِكْڤاه في قصر الاتحادية الخاص بحاكم مصر عبد الفتاح السيسي، بمناسبة تقديم سفير الدولة العبرية الجديد أوراق اعتماده في القاهرة. وقد أشاد السفير ديفد غوفرين بدفء العلاقات بين البلدين، وقال "إن أداء الفرقة الفنية العسكرية المصرية للنشيد الوطني الإسرائيلي يعتبر لحظة حساسة ومؤثرة بالنسبة لي". وعبر عن مشاعره ومشاعر الرّيّس وهو يصافحه: "صافحني السيسي بحرارة، وشعرت بمشاعر قلبية صادقة خلال مصافحته، حيث أبدى حرصه الشديد على استمرار العلاقات بين مصر وإسرائيل".

هذا كاف لوحده ليوضح ما جرى ذات 30 يونيو، يومها قال أحد مؤسسي تيار سياسي صغير في تونس: "إن عبد الفتاح السيسي يذكرني بعبد الناصر". رحمهما الله. وكأنما قال مثلا ردده من بعده حفتر الذي نعرف وجورج وسوف ووليد توفيق وأبلة فضيلة... وها قد تبين على مدى السنوات الثلاث الماضية أن ذلك القيادي كان واهما، اللهم إن كان الشبه يقتصر على حمل الأوسمة العسكرية الرفيعة. فقد كان كما هو واضح الآن انقلابا في خدمة أمن الدولة العبرية والسلام معها.

وعلى كل حال فقد مرت اليوم عدة أيام على عزف الفرقة العسكرية المصرية لنشيد الأمل الصهيوني هَتِكْڤاه، ومازالت أصداؤه تملأ جنبات القصر الرئاسي. إلا أن حمدين صباحي، زعيم التيار الشعبي الناصري، لم يتجرأ على "فتح بقه"، حسب التعبير المصري، وكأنه لم يسمع بالأمر أو كأن الحدث من التفاهة ما يجعله لا يستحق التعليق فضلا عن الاحتجاج أو النزول إلى الشارع، أو كأنه جرى بعيدا في أواغادوغو، أو كأن ما كان يقوله عن تحرير فلسطين وأنها القضية المركزية للأمة العربية، وما كان يخطب به عن مقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني وأن إسرائيل سرطان زرعه الاستعمار في قلب الوطن العربي، كل ذلك كان مجرد مزايدات كلامية لا أكثر.

وهنا قد يقول البعض "إن الضرب في الميت حرام"، وحمدين صباحي يبدو في حالة لا تختلف كثيرا عن الموتى فهو مثلهم تماما لا يسمع. لا يرى. لا يتكلم. لا يشعر. لا يتحرك. لا يتنفس. وهذا الموت الشبيه بالمؤكد، لم يكن فقط أمام عزف هَتِكْڤاه في قصر الاتحادية، وإنما حتى إزاء المجزرة التي ارتكبها السيسي في ميداني رابعة والنهضة وفي ميادين مصرية عديدة. ذلك أن صمته يومها ليس شعورا منه بالتشفي من الإخوان، وقد سبق لهم أن رشحوه ونجّحوه في الوصول إلى البرلمان المصري، وإنما هو صمت من نوع الذي يلتزمه اليوم.

صمت لا يمكن تفسيره إلا بوجود ملفات ثقيلة تجعله يخشى على نفسه البهدلة، على يدي نظام مستكلب لا يتورع على فعل أي شيء. وهو ما يؤكد أنه انتهى تماما نهاية عار لرجل كان يُعتقد أنه زعيم كبير أو أن مستقبله كبير. فإذا به لم يبق له من الآن فصاعدا إلا أن يأكل ويشرب... في حالة موت سريري.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات