وهكذا نتبين أن إزاحة الحبيب الصيد، كانت من أجل تقديمه ككبش فداء لفشل النداء، بينما استمر 10 وزراء من تشكيلته في الحكومة الجديدة وعلى رأسهم رئيسها ذاته، كما نتبين أن إزاحته لم تكن من أجل تشكيل حكومة وطنية، إذ أن الحكومة المعروضة لا يمكن وصفها بالوطنية، ليس فقط من حيث البرنامج لأنها ستواصل البرنامج السابق، والارتهان إلى نفس الجهات السياسية والمالية، وإنما أيضا من حيث القاعدة الحزبية المساندة لها.
فبالمقارنة مع حكومة الصيد، خرج من تشكيلة الشاهد الحزب الوطني الحر، فبقي فيها من الرباعي الأحزاب الثلاثة المعروفة، وانضافت إليها 5 أحزاب، إلا أن هذه الأحزاب مجهرية، حتى أنها لا تساوي مجتمعة نصف عدد نواب الوطني الحر، فالمسار غير ممثل في مجلس نواب الشعب، وللجمهوري نائب واحد، ومثل ذلك للتحالف الديمقراطي، و3 لحركة الشعب. أما الوطد، فلا نعرف بدقة عدد نوابه ضمن نواب الجبهة الشعبية، ولا ندري هل أن الجبهة ستتخذ منه موقفا أم ستلتزم الصمت إزاء مشاركته في حكومة الشاهد؟
الواضح في هذه الحكومة أنها حكومة محاصصات وترضيات حزبية، والدليل على ذلك أنها تضم 40 بين وزراء وكتاب دولة، بما يسمح بترضية أكثر ما يمكن من الأحزاب. ومع ذلك لا أحد سمعناه قبل تشكيلها يحذر أو ينتقد منطق المحاصصة، ولا نعتقد أن هذه النقطة سيثيرها أحد من المحللين الإعلاميين والسياسيين، كما لن يثيروا موضوع تضخم التشكيلة الحكومية. ولا ارتهاناتها إلى الخارج، ولا حتى التساؤل عن سبب الاحتفاظ بوزير الخارجية خميس الجهيناوي.
ورغم أنها حكومة محاصصة فقد فاز بالحصة الكبرى منها حزب نداء تونس، ولسنا في حاجة للتدليل على أن عددا من الحقائب الأخرى يمسك بها بواسطة وزير مستقل. أما بقية الأحزاب، فلا تسمح لها حصتها بأن تكون شريكا فعليا، وإنما هي أحزاب ديكور، حتى أن أحدها رضي بحقيبة كاتب دولة، وحتى بعض الوزراء الذين ينتسبون إلى الأحزاب "الشريكة" إنما هم أقرب إلى حزب نداء تونس منهم إلى أحزابهم. عماد الحمامي مثلا.
إزاء هذه الحكومة لا نتحدث عن كفاءات، وإلا فما معنى أن يسمى سمير بالطيب وزيرا للفلاحة والموارد المائية والصيد البحري؟ أين تكمن كفاءته بالضبط؟ الواضح أن رئيس الحكومة يعرف هذا، ولذلك عين إلى جانبه كاتبيْ دولة ليساعداه أو بالأحرى ليقوما مقامه، ويكتفي هو بقبض جراية الوزير. نفس الشيء يمكن قوله عن عدد من الوزراء الآخرين الذين لا كفاءة لهم ظاهرة ولا باطنة، ماجدولين الشارني مثلا التي لا علاقة لها بالشباب والرياضة، ولذلك عين إلى جانبها كاتبا دولة ليقوما مقامها، وتقبض هي جراية الوزيرة.
هذه الحكومة المطلوب منها أن تفرض على الجميع أمرا وتجعله واقعا وهو أن السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية، وأما رئيس الحكومة فهو مجرد وزير أول على الطريقة المعمول بها في عهد بن علي. وقد لا تتأخر في تقديم مشروع لتنقيح الدستور حتى تعود لرئيس الجمهورية مثل السلطات التي كانت لبن علي.