الخوف أو المضاددة أو شيطنة الآخرين لا يمكن أن تبني حزبا، الحزب لا يمكن أن يُبنى على شخص واحد، في غياب كل متطلبات الحزب من تنظيم وفكر وهيكلة وقواعد، بل كيف يمكن أن نتكلم عن حزب لم يعقد مؤتمرا منذ تأسيسه؟ وبالتالي فالإعلان عن مسؤولية حافظ قايد السبسي والمحيطين به في تدمير نداء تونس، لا تعني شيا يذكر ولا تعفي الشاهد نفسه من مسؤوليته المباشرة في الموضوع.
نفس الشيء بالنسبة إلى انحدار الخطاب السياسي، الأمر ليس جديدا كما يوحي بذلك خطاب يوسف الشاهد، وعلى أية حال لم ننس ذلك المقطع الذي شاهدناه فيه هو نفسه وهو يرقص مرددا كلمة نابية في حق أم الرئيس المرزوقي.
فهل يمكن إدراجه في رفعة الخطاب السياسي وقامات رجال الدولة؟ في مقابل ذلك لا يمر المرء دون أن يلفت انتباهه ما ادعاه لنفسه مما قام به الآخرون، وتحديدا نجاح الانتخابات البلدية الذي نسبه إلى حكومته، ولسنا في حاجة إلى التذكير بإشراف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي تدل تسميتها عن عدم تبعيتها للشاهد ولا لحكومته. وهي ليست أقرب من حكومته من هيئة أخرى مستقلة أيضا هي هيئة الحقيقة والكرامة التي نعرف موقفه منها ومازالت دعوته لحلها ترن في آذاننا.
في خطابه ليلة الثلاثاء قد يذكرنا يوسف الشاهد بالحبيب الصيد، منذ ما يقرب من سنتين. إلا أن الاختلاف واضح بينهما، ليس لأن الصيد مستقل عن نداء تونس، خلاف الشاهد، وإنما لأن الشاهد حظي بمساندة ذات ثقل هذه المرة.
وهنا لا أقصد بذلك مساندة حركة النهضة الحزب الأقوى في البلاد، فقد سبق أن ساندت الحبيب الصيد، ولم تمنعها مساندتها آنذاك من أن تصوت ضده في البرلمان. وحتى لو أعلنت النهضة من جديد عن مساندتها للشاهد، فذلك لا وزن له ميدانيا، ولا يمكن تحميله أي تأويل أو البناء عليه.
وإنما الشاهد كما هو واضح من خطابه قد حظي بمساندة من نوع أثقل من جهة يهابها الجميع، ويحسبون لها كل حساب، ويستقوي بها من أراد تثبيت أقدامه في الساحة. عندما يتكلم الشاهد عن التمسك بإصلاحات كبرى، فمعناها توجيهات المؤسسات المالية الدولية. ذلك هو مفتاح موقفه في الخطاب الذي لطم فيه الابن وداهن الأب.