الدكتاتورية تبدأ دائما بنفس الطريقة. الذين يمارسونها لا يقولون إنهم دكتاتوريون طبعا، فهم يعرفون أن الفطرة البشرية السليمة تأبى العسف والتسلط والاستبداد، فتراهم يغلفونها بأجمل الخطب، تذاكيا على الذين سيسلطونها عليهم، ولكم أن تضعوا في هذه الخانة ما شئتم من أحلى الألفاظ وأبهى التعابير.
من كل خطاب سياسي أو إيديولوجي ولا أستثني واحدا منها. وقد توصل عصمت سيف الدولة في كتابه الاستبداد الديمقراطي (اقرأ المستنير) بأن هذا الشعار الذي كانت ترفعه النخب اتضح في آخر الأمر أن الاستبداد والديمقراطية لا يلتقيان. قضي الأمر.
أعود إلى تصريح بُشرى، برفض استفتاء الشعب، فالذي يتكلم داخلها هو منزعها الدكتاتوري، ولا ينفعها هنا أن تقدم نفسها بكونها ديمقراطية أو حتى رمزا ديمقراطيا. وإلا فما معنى أن تنتزع من الناس حقهم في إبداء رأيهم فيما يخصهم هم؟ ومن أعطاها هي الحق لتسطّر للناس حاضرا ومستقبلا نمط حياتهم؟
المهم هنا كذلك أن كلامها يعني يقينها بأن اقتراحاتها لا تحظى بقدر من الشعبية حتى تمرّ. ولم يسعفها حتى الزرقوني.
قلت لا أستثني أحدا. كلهم يحاولون تسويق بضائعهم بأجمل الألفاظ.