الروس أعداء الثورات العربية..

Photo

سرغاي شُويـﭬو (Sergueï Choïgou)، وزير الدفاع الروسي صرح يوم 22 ديسمبر 2016 أمام جمهرة من الجيش بأن تدخل بلاده في سوريا قد قطع "سلسلة الثورات الملونة في الشرق الأوسط وإفريقيا" (كذا). نعم هذا هو جوهر الأمر فيما يبدو جليا. كان بإمكانه أن يقول إننا انتصرنا على الإرهاب أو على داعش، بما يتلاءم مع الخطاب الذي كانت تروجه روسيا وآخرون كثيرون. كما كان بإمكانه أن يقول إننا تمكنا من تركيز نظام بشار بعد أن كاد يسقط، وهو ما يمكن فهمه على أنه يندرج ضمن مصلحة روسيا. ولكنه لم يقل ذاك، وإنما قال بأن بلاده قطعت أو كسّرت سلسلة الثورات.

بطبيعة الحال، الثورات المقصودة لم تطلق الإرهاب ولا أنجبت داعش حتى نفهم أن "كسر الثورات" كما جاءت على لسان الوزير تعني كسر الإرهاب. بل أن الإرهاب بمختلف تعبيراته وعلى رأسها داعش جاء لضرب الثورات. وهنا كان التقاء الإرهاب مع روسيا على نفس الهدف.

وبالنسبة للمجال الجغرافي، لم يقتصر الوزير الروسي على سوريا حيث تدخلت روسيا بالفعل، وإنما تحدث عن مجال أوسع يمتد على الشرق الأوسط وإفريقيا، ومن الواضح هنا أن المقصود بإفريقيا ليس القارة الإفريقية وإنما هو شمال إفريقيا، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا هو ترجمة لمصطلح (MENA) الذي يستعمله الأمريكان تعويضا لمصطلح الوطن العربي.

الموقف الروسي إذن كان ضد هذه الثورات التي انطلقت من تونس لتشمل عددا من البلدان العربية، ولم يقف الأمر عند ذلك وإنما وقع التدخل لقطع سلسلة تلك الثورات حسب تعبير وزير الدفاع الروسي، وهذا ما وقع التخطيط له وتنفيذه في سوريا. ولسنا ندري بعد ذلك على وجه الدقة ما قام به الروس في بقية الجغرافيا الثورية، بما في ذلك تونس.

والأهم من ذلك السؤال: لفائدة من قام الروس بكسر الثورات العربية؟ بمعنى من وكّلهم للقيام بهذا الدور؟ بطبيعة الحال، التدخل الروسي لم يكن من باب الدفاع على محور الخير، ولا "محور الممانعة" أو "المقاومة"، ولا جاؤوا تطبيقا للمبادئ الإنسانية، وقد رأينا ما فعلوه في حلب. وبالتالي فلا بد من ضامن لدفع تكاليف التدخل في سوريا، فمن عساه يا ترى؟

بطبيعة الحال نعرف أن النظام السوري غير قادر على ذلك لسبب بسيط هو محدودية الثروات، وأولى بالنسبة له إعادة بناء سوريا وسيغرق في ذلك إلى أمد غير منظور. وحتى لو اعتبرنا أنه مستفيد من "كسر" الثورة السورية، فهو غير معني كثيرا بكسر بقية الثورات على امتداد الجغرافيا العربية، وعندئذ فهو ليس أكبر مستفيد. كذلك روسيا لا يمكن اعتبارها أكبر مستفيد وربما دورها لا يتجاوز كونها تقوم بدور الوكيل أو حتى المرتزق. وإنما المستفيد الأكبر من "كسر" الثورات العربية هو من وجد فيها تهديدا لكيانه باعتبارها جسدت إرادة الشعوب واستردادها حريتها وكرامتها وسيادتها.

بعيدا عن كل ذلك يفرك البعض أيديهم ابتهاجا "بالنصر" الذي حققه الجيش العربي السوري في حلب.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات