اغتيال البراهمي.. لماذا يصمتون؟

Photo

انسلخ شهر جويلية، ولم يعقب أحد على التصريح الذي أدلى به يوم 24 منه المحامي خالد عواينية لجريدة الصباح التونسية (بتاريخ 24 جويلية 2017)، والذي وجّه فيه إصبع الاتهام إلى المخابرات الفرنسية في عمليتي الاغتيال اللتين حدثتا عام 2013، يقول: "إن الأمر ثابت من تورط الاستخبارات الفرنسية في عملية اغتيال بلعيد والبراهمي"، لم يقل ربّما أو أرجّح، وإنما قال "إن الأمر ثابت"، ويضيف بأن "الجماعات السلفية المسلّحة في العالم (اقرأ الإرهابية) إنما هي أدوات وأذرع بيد الدول" التي يذكر منها بالاسم فرنسا وتل أبيب والولايات المتحدة والسعودية.

ويتحدث الأستاذ عواينية عن منفذ اغتيال البراهمي أبوبكر الحكيم، فيقول إنه "فرنسي الجنسية وإنه تم زرعه من قبل الاستخبارات الفرنسية"، مستدلا على ذلك بتدخلها لإطلاق سراحه من السجون الأردنية في مرة أولى والعراقية في مرة ثانية، ثم "تم توجيهه إلى تونس قبل أن يقضي عقوبته" في السجون الفرنسية. وأما نهايته فقد جاءت "بعد أن تسلّم فرنسوا هولاند مقاليد السلطة (إذ) تم تقديم إحداثيات تواجد أبوبكر الحكيم في الرقة أين تمت تصفيته بواسطة طائرة بدون طيار".

لسنا في حاجة للتذكير هنا بأن الأستاذ خالد عواينية، هو أحد أهم الفاعلين الميدانيين عند انطلاق الثورة في سيدي بوزيد في ديسمبر 2010. وهو عضو هيئة الدفاع عن الشهيد محمد البراهمي، وهو قبل ذلك صهره. والأكيد أن ما يهمّه هو الحقيقة بدون حسابات، وهذا لا يتعلق باغتيال الحاج فقط وإنما أيضا شكري بلعيد.

وبالتالي فهذا التصريح كان من الممكن أن يحدث -على الأقل- نقاشا على الساحة السياسية والإعلامية. فإن لم يحدث ذلك، ففي الأمر إنّ كما تقول العرب. لأن التساؤل حينئذ هو: لماذا التزم الصمتَ المعنيون باغتيال الحاج البراهمي وشكري بلعيد؟ لماذا لم يعلقوا على قوله، كما لو أن الأمر لا يعنيهم؟ ألم تكن تهمهم معرفة من دبّر ومن خطّط ومن موّل ومن أمر؟ ها هو المحامي عواينية يقول لهم: إنها الاستخبارات الفرنسية؟ غير واضح؟ ما يطلعش عليها؟ ما عندهاش مصلحة؟ لم يسبق لها أن قامت باغتيالات مشابهة قصد خلط الأوراق مستهدفة زعامات وطنية في تونس مثلا؟

دعنا من اغتيال فرحات حشاد الذي كان يُقال بأن من اغتالته هي اليد الحمراء، وتبين من خلال الأرشيف الفرنسي أنها لم تكن إلا غطاء صنعته الاستخبارات الخارجية الفرنسية. دعنا من التذكير بتصريح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في أكتوبر 2016 لصحفيين اثنين من جريدة "لوموند" اعترف فيه بأنه أعطى أوامره لتنفيذ أربع عمليات اغتيال في الخارج. غير واضح؟؟

طيب بعد الذي جاء بجريدة تونسية معروفة على لسان الأستاذ خالد عواينية موجّها إصبعه إلى أصابع المخابرات الفرنسية، هل يحق الصمت لجماعة الجبهة الشعبية المعنيين أكثر من غيرهم بمعرفة الحقيقة كما يقولون؟ وإن صمتوا: ماذا يخشون بالضبط؟ وهل يعتقدون أنه لا يحق للرأي العام أن يعرف موقفهم هنا؟ وهل أن قواعدهم ذاتها لا يحق لها معرفة رأيهم؟ ننتظر رأيهم.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات