سبق أن كتبت منذ بضع سنوات بأنه لا توجد شعوب في الخليج، وحيثما يوجد استبداد في الحقيقة، وإنما هم رعايا مفردها رعية، والرعية مثل الأغنام ليس لها إلا حق الرعي.
من هذه الزاوية من الخطأ أن نقول إن خاشقجي مثلا مواطن سعودي. لأن المواطن له في بلده على الأقل حقوق إنسانية، أولها الحق في الحياة، وهم قتلوه ونشروه، والمواطن له الحق في التفكير والتعبير والتنظم الخ، وهذه الحقوق ومثلها لا توجد في السعودية ولا في الخليج.
فعن أي مواطن نتحدث إذن، هل يكفي أن يكون مواطنا لمجرد أنه يأكل ويشرب ويتداوى ويتناسل؟ ولا رأي له في من يحكمه، ولا حق له في مساءلته ولا انتقاده.
في مثل هذه الحالة يمكن أن نتحدث عن رعايا السعودية أو بأكثر تدقيقا رعايا آل سعود، بمثل العلاقة بين المالك والمملوك، أو الراعي والرعية، وأما كلمة مواطن وكلمة سعودي فلا يمكن أن تلتقيا، لأنه بمجرد أن ننسب بلدا إلى عائلة، تنتفي المساواة بين السكان، وتنعدم بالتالي المواطنة. خاشقجي لم يكن في بلده مواطنا، وهو ليس من قبيلة آل سعود، حتى نقول إنه سعودي.
وأما محمد بن سلمان فيعرف هذا ويتحرك طبقا لذلك، فهو لا يهمّه أن يحوز على أي شرعية من الداخل، حتى ولو كانت دينية كما كان يفعل أسلافه، والسعودية قامت على هذه الشرعية تحديدا، وعندما يقع التخلي عن شرعية التأسيس يهتز الكيان برمته، وهذا ما نشهده اليوم،
ومحمد بن سليمان لا يمكن أن يفكر في شرعية شعبية، حتى مزيفة مثلما فعلت وتفعل الأنظمة العربية، وهو لا يهمّه في طريق الوصول إلى العرش إلا الفوز بالرضا الأمريكي، يدفع من أجل ذلك المال، لا يهم، فلا يحاسبه أحد، لا يختلف عن رؤساء العصابات الذين يحرصون على أن يحتموا بمن يعتقدون أنه يضمن لهم السلامة. أقصى أمانيه أن ترضى به أمريكا دمية يتحرك طبقا لأوامرها.