العودة إلى صدام حسين..

Photo

ربما لم تعجب بعض الأصدقاء التدوينة التي كتبتها يوم عيد الأضحى عن المرحوم صدام حسين في ذكرى اغتياله/استشهاده. لا بأس،

مبدئيا وقبل كل شيء الاختلاف لا يفسد للود قضية.

ثانيا، أنا لم أمدح النظام الذي كان على رأسه صدام حسين. وإن كان في الحقيقة، كما يتبين لنا اليوم، بعيدا بعد السماء عن الأرض بالمقارنة مع ”النظام“ الحالي في العراق.

ثالثا، علينا أن نجدد أفكارنا ومواقفنا ورؤانا وخاصة أن نكون منفتحين على كل قراءة جديدة، لا بأس من ذلك. يمكن أن نخطئ الآن وبالأمس، ولكن من غير المقبول أن نستمر في الخطأ أو لا نراجع أنفسنا.

رابعا، تعرفون أن مواقف المرء يتخذها اعتمادا على أشياء جزئية، تحيط به هو، وهذا طبيعي جدا، فنحن البشر لا نُلمّ بكل الحيثيات والتفاصيل في حياتنا اليومية أو حتى في حياتنا بصفة عامة، لكن مع مرور الزمن قد تتضح بعض المواقف وتنكشف أشياء جديدة ربما لم تظهر لنا سابقا، بمعنى أن من يعيش الحدث ليس كمن يكتب عنه بعد فترة فالمؤرخ ينظر إلى الحدث من جميع الجوانب، واعتمادا على مصادر أو مقاربات ومن خلال زوايا مختلفة.

خامسا، وبالنسبة لصدام حسين تحديدا، الشيء الثابت وجود انتقادات عديدة حول دكتاتوريته الخ، لكن إذا عرفنا أن الذين كانوا ينتقدونه لم يكونوا يفعلون ذلك لأنهم نزهاء أو أنهم كانوا أنصارا للحرية أو الديمقراطية أو حقوق الإنسان، بل أنهم كانوا دكتاتوريين بأتم معنى الكلمة، وحينئذ ألا يجوز التساؤل أي معنى لانتقاداتهم لنظام صدام حسين؟ وهل هناك مصداقية فعلا لما كانوا يقولونه عنه؟

الأمريكان الذين احتلوا العراق، الإيرانيون الذين احتلوا العراق، حكام العراق اليوم، كلهم كانوا ينتقدون صدام حسين. اجتمعوا رغم ”اختلافاتهم“ و“عداواتهم“ في انتقاد صدام حسين. بعد احتلال العراق، حاكموا صدام حسين وقلبوا عليه الدنيا من أجل قضية الدجيل حيث قيل إنه قتل 148 شخصا وتم تهجير 14 ألفا لمدة 4 سنوات. الآن يصح أن نقول إن هذا العدد أخبرتنا به جهة واحدة، وحينئذ هل من الموضوعية أو العقلانية أن نأخذه مأخذ التسليم؟ ثم ألا يصح أن نتساءل ما الذي مارسه الأمريكان، والإيرانيون في العراق مباشرة أو عن طريق عملائهم؟ ما الذي مارسه حكام العراق بعد صدام حسين؟

الأمريكان والإيرانيون وعملاؤهم تسببوا في مقتل ليس 148 بل أكثر من مليون، فيهم من مات بالرصاص، ومن مات تحت التعذيب، وبسبب الإهمال والتجويع، والتجهيل والتفجير. إذا كانوا قد حكموا على صدام بالإعدام وأعدموه من أجل 148 شخصا، حسب قولهم، وتهجير 14 ألفا، حسب قولهم، وهم تسببوا في تهجير ملايين العراقيين، فكم يجب أن يُحاكم منهم بالإعدام؟ واحد، أم مائة أم ألف؟ والسؤال الأهم، ما مدى صحة ما كانوا يقولونه ويملؤون به دعاياتهم ضده؟ كلامهم السابق، كيف نتشبث به بعد أن رأينا منهم ما رأينا وما نرى؟ أكثر من ذلك ماذا أبقوا في العراق؟ هل كنتم تعرفون وجود شيعة وسنة في العراق قبل مجيئهم أي أيام صدام حسين؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات