سمير بالطيب ضمانة…

Photo

ربما -أقول ربما- النقطة الإيجابية، وقد تكون الوحيدة، في الحكومة هو وجود مثل سمير بالطيب فيها، نعم، وحتى على رأس وزارة الفلاحة التي لا يعرف عنها شيئا تقريبا. بمعنى أن الإيجابي لهذه الحكومة أنها موسعة إلى مختلف الأطراف السياسية والإيديولوجية. قوميون. يساريون يضافون إلى الإسلاميين والليبراليين.

أن يوجد هؤلاء إلى جانب بعضهم البعض، يجعل من الحكومة بعد البرلمان فضاء ثانيا لالتقاء جميع الأطراف السياسية. وهي محاولة تبدو جدية لتفادي العراقيل التي قد تأتي من هذا الطرف أو ذاك، خاصة وأن المطلوب من هذه الحكومة أن تدخل إصلاحات مؤلمة، فلا بد لها، حتى تمر بأخف الأضرار، من توريط الجميع فيها. حكومة بلا معارضة برلمانية تقريبا.

دعك من التفصي الذي قد يبديه بعض القوميين من المحامي والناشط السياسي الناصري المبروك كورشيد، دعك خاصة مما يمكن أن يعبر عنه جماعة الجبهة الشعبية من انتقاد أو حتى تفصي من مشاركة يساريين على رأسهم عبيد البريكي وحتى محمد الطرابلسي أو سمير بالطيب. هؤلاء لا غبار على انتماءاتهم الحزبية اليسارية، وقد تم اختيارهم على هذا الأساس، وهم لا يمكن أن يقبلوا الكراسي الوزارية لو وجدوا معارضة من الجبهة الشعبية، بل الأكيد أنهم تلقوا منها الضوء الأخضر.

صحيح سبق وأن رأينا اليسار يتحالف مع النداء في اعتصام باردو وفي جبهة الإنقاذ، لكن مع النهضة لم نره إلا وهو يسبها، وها هو أخيرا يلتقي معها في نفس التشكيلة الحكومية. نتذكر هنا أن البوكت سبق وأن التقى مع النهضة في هيئة 18 أكتوبر، ودافع عن موقفه بشراسة حينها قبل أن يتراجع فيما بعد حتى بدا وكأنه ندم على خطيئة. نتذكر آنذاك معارضة حركة التجديد لتلك الهيئة، في دعم صريح لنظام بن علي وقد جازاهم آنذاك بمقعد لمحمد حرمل في مجلس المستشارين. الوطد كذلك طالما وجه انتقاداته للبوكت على وجوده مع النهضة في هيئة 18 أكتوبر، إلا أن ذلك أصبح من الماضي الآن والأكيد أن للسياسة أحكامها وقوانينها.

اليوم ها هو سمير بالطيب سيدخل الحكومة ولا فضل لحزبه عليه قيد أنملة، وإنما كل الفضل لنواب حركة النهضة في مجلس نواب الشعب، كذلك الأمر قريب من هذا بالنسبة لعبيد البريكي ومحمد الطرابلسي. ثلاثتهم سيترقبون بفارغ الصبر أن تضغط أصابع نواب النهضة على الزر الأخضر، بما يسمح لهم بدخول الوزارات التي أسندت إليهم. ثم سيجلسون مع وزراء النهضة ويتطارحون معهم نفس المواضيع في مجالس الوزراء أو خارجها.

صحيح أن هذه الحكومة مرشحة للفشل، مثلها مثل الحكومات التي سبقتها، وقد رأينا زيادة في نسبة البطالة وانخفاضا في نسبة التنمية وفي المقدرة الشرائية، بالأرقام، ولكن ما قد يحسب لها حقيقة أنها ضمت أطرافا سياسية وإيديولوجية مختلفة إن لم نقل متعادية ومستعدة للتحارب، وهي خطوة أولى في الممارسة السياسية. ومن هذه الزاوية فوجود سمير بالطيب في الحكومة يعتبر ضمانة حتى وإن انخفض الإنتاج الفلاحي.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات