الباجي يبَعْبع..

Photo

محور الحديث الذي أدلى به الباجي قايد السبسي يوم الخميس 2 الجاري هو الدعوة إلى "تشكيل حكومة وحدة وطنية"، وهو ما يعني أن الحكومة الحالية لم تعد قادرة على أن تسيّر الأمور. إلا أنه حاول تخفيف وقع مبادرته من خلال دحض الحديث عن الفشل، داعيا إلى "توخي العدل في الحكم على حصيلة عمل الحكومة واصفا مردودها بـ"المقبول" و"المتوسط"، وحاول أن يبرر ذلك بما واجهته من "نقص في مداخيل الموارد الأساسية"، معيدا ذلك إلى التراجع الكبير في إنتاج الفسفاط، دون أن يشير إلى الفساد أو التهرب الضريبي.

والحقيقة أن جعل "الحرب ضد الإرهاب وضد الفساد" في مقدمة الأولويات بالنسبة للحكومة القادمة، يتضمن انتقادا للحكومة الحالية بأنها فشلت على هذا الصعيد. وإلا فما الذي قامت به في محاربة الفساد مثلا؟ ألا يمكنها ذلك من تعبئة الموارد وسد النقص أو جانب منه؟ وماذا يسمى العجز عن القيام بهذا الأمر أو عدم الاهتمام به إن لم يكن فشلا وفشلا ذريعا؟

إن ما قاله الباجي يمكن ترجمته أو تلخيصه في حرفين اثنين لا ثالث لهما: بَعْ. فبحيث أنه يعلن فشل الحكومة الثانية التي تشكلت وفق مشيئته وإرادة حزبه. والغريب أنها وصلت إلى هذه النهاية دون أن يواجهها إضراب عام واحد، أو تجد أمامها معارضة تقوم بوضع العصي في العجلات، أو تدعو إلى العصيان المدني، ولم يتظاهر أحد من أجل إسقاطها، ولم تجد أمامها إعلاميين أشاوس يكشفون عوراتها والزيادة فيها، ولا قلابس، ولا خبراء يحللون الأرقام والحروف، لينتهوا كما عودونا، إلى أنها الكارثة. لا شيء لا شيء حتى أعلن الباجي نفسه عن فشلها، بمعنى أنه لم يبق لها إلا الرحيل بمحض إرادته هو وبفعل لا أفعالها.

حكومة وقع تبشيرنا بأنها ستنقذ البلاد من الكوارث والأزمات، وستعود معها للدولة هيبتها وتدور عجلة الاقتصاد وتقضي على البطالة والإرهاب والتهريب وتحقق التنمية وتنجز ما عجز عن فعله السابقون جميعا بالجملة والتفصيل، ضرورة أنها حكومة كفاءات وخبرات لا حكومة هواة أو أيد مرتعشة، ولا علاقة لها بالولاءات ولا بالمحاباة، ولا باللوبيات، أو هذا ما فهمناه من صمت الإعلاميين والثوريين والمدونين.

ذلك أن هذه الحكومة حظيت بإجماع منقطع النظير في الداخل والخارج، الأحزاب والنقابات والجمعيات، والثوار وأعداء الثورة، والبنك الدولي وواشنطن وباريس، ومجمع الأولياء الصالحين. ومع ذلك تبين في آخر الأمر أنها رغم تلك المساندات والتشجيعات والمساعدات والبركات لم تقو على الاستمرار أكثر من أشهر معدودة، لم تحقق خلالها أي شيء من الوعود التي قدمت في الانتخابات التشريعية والرئاسية، وقبل وبعد ذلك في التصريحات والبلاتوهات والاجتماعات العامة وفي اللافتات الضوئية.

وها هي الأيام تكشف أن كل ما قيل آنذاك كان مجرد حملات تسويقية لسلع مغشوشة، وأن ما قاله الباجي الآن لم يكن إلا اعترافا ضمنيا بذلك، بما يساوي بعْ.. أو أن المنظومة القديمة عاجزة عن الحكم.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات