تونس في الليل..

Photo

خرج المترو من حي المروج بالضاحية الجنوبية في اتجاه قلب العاصمة على الساعة التاسعة وخمس وعشرين دقيقة مساء السبت الأخير من شهر رمضان. كان منذ المحطة الأولى مكتظا بركابه من مختلف الأعمار، ويتوقف في كل محطة ليحمل المزيد منهم، كأنه المترو الأخير.

وصلنا بعد ساعة تقريبا إلى ساحة برشلونة. ورغم أني كنت على موعد في تمام العاشرة بدار الثقافة ابن رشيق، فإنه لم يساورني قلق من هذا التأخير. بل كنت مرتاحا ومبتهجا أيضا.

كانت الشوارع ما بين المحطة والشارع الرئيسي في مثل اكتظاظ المترو أو تقريبا، الفارق أن الناس كانوا يتحركون في كل الاتجاهات. لم يكونوا في عجلة من أمرهم مثلي، والأكيد أيضا أنهم لن يعودوا إلى ديارهم قبل منتصف الليل.

في مثل هذه الساعة، المقاهي مكتظة بروّادها والجوامع أيضا، وفي قلب العاصمة تجدهن أكثر من الذكور عددا، نساء في مختلف الأعمار مع أطفالهن أو أزواجهن أو فرادى، وفتيات زرافات ووحدانا، جئن يتجولن أو يتسوقن استعدادا للعيد الذي تحمل به العشر الأواخر من رمضان.

بهجة حقيقية تملأ الدكاكين والشوارع والساحات. لم تكن المرة الأولى التي يأسرني فيها المشهد بأضوائه وألوانه ونسائه وحركته. أمن دون الحديث عن الأمن. ليس هناك بوليس ولا شاحنات التدخل السريع، ومع ذلك فالمارة يمشون في غير عجلة من أمرهم. ولا يبدو عليهم أنهم يأبهون إلى ما تبثه وسائل الإعلام من أخبار حول الإرهاب. هذه تونس في الليل. مشهد لا تستطيع أن تجد له مثيلا في أي بلد عربي آخر.

سلام يا تونس.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات