"نداء السيسي إلى إسرائيل" يعتبر فضيحة تامة الأركان. فقد وجهه من أسيوط بعد يومين فقط من "احتفال" الصهاينة بالذكرى 68 لقيام كيانهم، فكان بمثابة هدية لهم، بما يطمئنهم على مستقبلهم في المنطقة. هي فضيحة إضافية لأولئك الذين توهموا في السيسي جمال عبد الناصر جديدا، ومما جعلهم يتوهمون ذلك أن كليهما اعتمدا على نفس المادة الشخمة، محمد حسنين هيكل. لكأن الحق يعرف بالرجال أو بالزي العسكري.
هذا النداء وجد طريقه إلى اليوتيوب، وهذا طبيعي خاصة وأن السيسي دعا الصهاينة إلى "إذاعته في إسرائيل مرة واثنين" حسب تعبيره، فلم لا ينصت إليه آخرون على مهل؟ إلا أن ما حدث بعد وقت قصير أن الفيديو قد وقع حذفه. صنصرة جديرة بعصور العسكر. والأكيد أن الفيديو سينشر مرات ومرات. فما هو محتواه؟
من بين ما جاء فيه مديح بالصوت العالي لمعاهدة كامب دافيد أو مخيم داوود حسب نطق القذافي، وما توصلت إليه من نتائج "عجيبة" وصولا إلى التنسيق الأمني مع الصهاينة. وفي هذا الإطار علق على العلاقة بين مصر وإسرائيل قائلا "فيه حالة من الثقة وحالة من الاطمئنان" ويضيف "لدينا فرصة جديدة نكرر فرصة جديدة في تاريخ منطقتنا في ظروف في منتهى الصعوبة". وهذا يتجاوز مضمون المعاهدة التي وقع عليها "الشهيد" أنور السادات كما جاء على لسان السيسي، وإنما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
نعم، لم يبق للسيسي ما يبيعه لإسرائيل على الجبهة المصرية، فها هو الآن يغريها ببيع القضية الفلسطينية. الفرق بينه وبين الأنظمة السابقة التي كانت ترفع شعارات تحرير فلسطين لتفوز بالتأييد الشعبي، هو أنه يريد الفوز بتأييد رعاة الانقلاب العسكري الذي أتى به هو على رأس حكم مصر. إذن هي مبادرة باتجاه المسار الفلسطيني.
كذلك ذكر السيسي مخاطبيه بفضله عليهم منذ ثورة 30 يونيو قائلا لهم: "شفت حالة كنا موجودين فيها وحالة احنا بقينا موجودين فيها دي الوقت، الحالة دي حققت الأمان ليكم وحققت الأمان لينا، حققت السلام ليكم وحققت السلام لينا..." وهل هناك دليل أوضح من هذا على طبيعة ما حدث يوم 30 يونيو؟
يأتي هذا الخطاب اليوم بعد تمام سنتين تقريبا من "انتخاب" السيسي رئيسا لمصر، وقد كتبنا يومها حرفيا بأن أمامه "موعدا لن يتجاوزه إلا إذا حقق معجزة. وهذا الموعد -كما يبدو- متفق عليه بينه وبينهم [رعاة الانقلاب]، إلى جوان 2016 أو هذا ما نتبينه من كلامه نفسه، عندما قال بأن الشعب سيشعر بالتحسن خلال سنتين" ["عسكري وانتهى./."، نشر بتاريخ 5 جوان 2014]. وإذ اقترب الموعد ولم يتحسن الوضع في مصر على أي مستوى من المستويات، فإن السبسي مدعو للرحيل ولتفادي ذلك ها هو يتقدم بهذه المبادرة لعله يحظى بتمديد الفترة المضبوطة له سلفا، وأي طرف أفضل من الكيان الصهيوني، ليحدثهم عن السلام والأمن والأمان. ردود الفعل الأولية تبدو مبشرة بالنسبة له، بما يعنيه من رسالته وصلت، ولكن للشعب رأي آخر.