ماكرون.. عنوان الوحدة الوطنية

Photo

جاء ماكرون إلى بلادنا، ولم أسمع بأي وقفة احتجاجية أو حتى تنبير فيسبوكي على زيارته. ألأني غير متابع للأحداث؟ ربما.

وعلى أية حال فمرد هذه الملاحظة أننا كنا شهدنا احتجاجات على زوار كبار سابقين من بلدان أخرى، أثارت زياراتهم نعرات شتى، وانتظمت حتى حملات إعلامية.

وأما هذه المرة، فلا صوت علا بالاحتجاج، وكان يمكن أن يكون، فإن لم يكن ضد فرنسا التي استعمرت بلادنا، وامتصت خيراتنا وقتلت آباءنا وأجدادنا، فذاك ماض بعيد رغم أنه ليس أبعد من الماضي العثماني للذين تذكروه، وإن لم يكن ضد فرنسا التي مكنت الكيان الصهيوني من التكنولوجيا النووية بما جعل الصهاينة يبسطون أيديهم على المنطقة العربية،

فعلى الأقل نتذكر فرنسا التي دعمت نظام بن علي إلى آخر رمق وكانت تمتدحه لمجرد أن التونسيين يأكلون ويشربون، ها فرنسا التي تتدخل في شؤوننا بكل تفاصيلها، وتتحكم في أحزابنا وفي إعلامنا وفي جمعياتنا ومجتمعنا المدني وفي مدارسنا وفي كلياتنا وفي ثقافتنا، بما فيها من كتبنا ومسرحنا وسينمانا ورسمنا التجريبي…

ومع ذلك يقف الجميع اليوم صفا واحدا، الوطنيون واليساريون والإسلاميون والديمقراطيون والقوميون، السياسيون والنقابيون، الحقوقيون والإعلاميون، في وحدة وطنية صماء، عزّ نظيرها، يتفقون اليوم على الترحيب بماكرون رئيس جمهورية فرنسا، فرنسا التي طالما نعتها بعضهم بالاستعمارية أو الامبريالية أو الاستعمار الجديد. اليوم هبطت عليهم جميعا مشاعر "رجال الدولة" المسكونين بـ"المسؤولية" و"المصلحة العليا للوطن"، لا كما وسوس لي الشيطان الرجيم بأنه الخوف أو الطمع أو هو معنى حضور المسؤول الكبير.

فإذا بهم هذه المرة، على قلب رجل واحد، متفقون تماما. والمهم أنهم نسوا دفعة واحدة اختلافاتهم السابقة حول كل شيء. فالحمد لله أولا وآخرا على أنهم اتفقوا على شيء… ماكرون.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات