في ظل "الكساد" الإعلامي الذي نعيشه واستغراق وسائل الإعلام في مواضيع الكاسارونة وعدد أرجل السرعوف الأخضر و"مبروك: ميات دينار ليك وميا أخرى لجارتك"، أصبح موضوع العجل الهائج حدثا وطنيا رئيسيا، حتى أن بعضها يصنع عناوين تقوم على "سرّ هيجان العجل" وأسبابه، ولم يعد ينقص المشهد سوى أن يتصدى جهابذة الكرانكة لهذا الحدث الجليل بالتحليل والتفسير،
ذكرني هذا بزمن كساد إعلامي مماثل قبل الثورة بقليل، عاد، عندنا زميل قالق، عمل ريبورتاجا صحفيا عن "قردة تعالج مرض الشقيقة" في مدينة قريبة من العاصمة، وعينك ما تشوف إلا النور، قالك زوار من الدول الشقيقة والصديقة طلبا للعلاج فانزعجت السلطة بحدة، لكن الموضوع خرج عن السيطرة وتناقلته وسائل الإعلام الدولية حتى أن صحيفة يمنية اسمها المؤتمر نشرت مقالا بعنوان: "اعتقال شمبانزي يعالج الصداع في تونس"،
وفي باب الطرافة، أول سنوات التسعين، أطلق "أحد ما" إشاعة تفيد أن المغارة التي كان يتعبد فيها أبو الحسن الشاذلي جنوب مدينة تونس شهدت ظهور "عفريت"، صحفيا: موضوع مثير للسخرية ولا يمكن تناوله إلا من باب الأمراض الاجتماعية وسريان الخرافة بدل الخبر الصحيح الذي فيه مسؤولية، أي، لكن الموضوع كبر وتوقف الناس بسياراتهم تحت المغارة على أمل أن يطل عليهم العفريت أو يصدر تصريحا، جاءني الأمر "برى شوف حكاية العفريت"؟
وجدت الناس داخلة بعضها والحاكم يحاول تنظيم الوضع بمنعهم من الصعود إلى المغارة، شيء يقول إنه ثعبان عملاق، وشيء يقول إنه مكسو بالشعر وشيء يقول إنه مخلوق لم ير الناس مثله له وجه بشر وذيل طويل وربما هو علامة على نهاية الدنيا وظهور الدابة، الطرافة في أن الحاكم أرسل جماعة الحماية المدنية ليتسلقوا الجبل ويدخلوا المغارة وتم جلب الآلات الضخمة والمعدات لذلك، قال لي أحدهم إنهم لم يجدوا سوى بقايا قوارير الجعة والشراب الرديء منذ عشرات السنين،
الشيء الوحيد الذي حدث بعد ذلك هو زيادة في سعر الزيت الحكومي المدعوم وقتها،