أنا لا يحيرني إلا هذا التونسي الذي يشنع على السوريين فرحتهم بسقوط الطاغية ويتهمهم بأنهم عملاء الصهيونية وأمريكا وتركيا، يعني سيدنا "سي الطيب" يفهم أكثر من السوريين في بلدهم فبغضهم في خروجهم ليلا من كل الطوائف والأعراق للاحتفال بسقوط الطاغية والترحيب بالثوار والحلم بدولة وطنية وبإطلاق سراح عشرات الآلاف من مساجين المخابرات،
سي الطيب التونسي فايق بكل المؤامرات الدولية وما يزال في زمن البكاء على الطغاة باسم الوطنية والتحرير القومي ويعتقد ان الحكام مكلفون بمهام رسولية مقدسة وأن التعذيب والقتل الجماعي شيء ضروري لإقامة الدول،
تسأله عن آخر شيء قرأه لفهم هذا العالم فاذا به يعود الى نصوص المطالعة في الثانوي، عن أبعد مكان ذهب اليه فإذا هو شط برج السدرية في الكار، ثقافته شفوية سطحية، يكتفي من كل شيء برأس الجملة وليس له الصبر ولا الرغبة في قراءة نص كامل، يفهم في السياسة كما يفهم في الكرة، يعتقد أنه فايق بكل ما يحدث في تركيا وإيران وإسرائيل،
عموما، والسوريون يحتفلون بالعودة الى بيوتهم واستعادة مدنهم، أراهم يقولون له: كان فلحت، راك فلحت في روحك،
"الله وكيلك يا أبي، مو ناقصنا الا شوية كرامة"،
قالها الممثل دريد لحام في 1979 في مسرحية "كاسك يا وطن" لمحمد الماغوط، ورغم ذلك، حول النظام السوري شعبه الى قطيع من مفقودي الكرامة والحقوق، مئات الآلاف من القتلى ومثلهم من المفقودين في السجون، ملايين المهجرين والمنفيين في مفترقات الطرق والبحار،
ٱنه تحالف موضوعي بين الحاكم العربي والعدو الصهيوني: خلق مواطنين بلا كرامة ولا حقوق، ولا حتى القدرة على التعبير سوى عن مدح النظام وطلب عفوه، شعوب مهزومة غير قادرة على الدفاع عن نفسها، فما بالك بالدفاع عن الطاغية،
عندما يستعيد المواطن العربي كرامته في مركز الشرطة وفي. الحدود، عندما نعود مواطنين متساوين أمام القانون، عندما يستقر التداول السلمي على السلطة ويعود الرئيس الى بيته آمنا بعد خمس سنوات من الحكم، سنبدأ في محاربة الكيان،