توه نحن عندنا أزمة عميقة في توفير غاز القوارير (الغاز المسال) وهي أزمة حياتية تشمل خدمتي الطبخ والتدفئة في هذا البرد القارس أعادت بعض الناس إلى الطبخ على الحطب، لكننا لا نتحدث عنها إلا عرضا وبطريقة لا ترتقي إلى حجم السؤال الأصلي: لماذا نعاني نقصا في غاز القوارير ولا نعاني نقصا في البنان مثلا الذي يأتي من أقاصي العالم؟
أوكي، نحن لا ننتجه، نستورده، لكن الأصل أن نوفره مسبقا، الحد الأدنى هو ثلاثة أشهر من الاستهلاك، الجميع يعرف ذلك ولا تصدقوا حكاية هيجان البحر الذي يمنع السفن من الرسو لأنها معطيات معروفة مسبقا ويمكن تفاديها بالمخزون في فترات ذورة الاستهلاك،
بقي احتمال واحد، نعرفه جيدا لكن لا أحد يحب أن يقوله لنا في الفضاء العام: نحن في دولة تعاني من صعوبات حادة في تمويل حاجيات الناس الأساسية، عندما تكون عندك الفلوس، يتصل بك وسطاء البيع مسبقا: "هل تريد غازا للعام المقبل؟"، وعندما يعتقدون أنك لا تملك الفلوس، يتجاهلون طلباتك أصلا، إذن: لماذا ليس عندنا فلوس؟ أين نتائج القضاء على الفساد لإعادة فلوس الشعب إلى الشعب؟ أين مبادئ الحكم الرشيد؟ أين الوعود بالرخاء والخروج من الأزمة؟
المرسوم 54، الحل في إعلام الطناجر والبطانيات وصابونة الإعلام التركي،
أعجبني سؤال
أعجبني سؤال "مفهمتش علاش ما صارش ربط بالغاز الطبيعي لمدن الوسط والشمال الغربي وهم الأكثر احتياجا له شتاء"، في إشارة إلى الغاز الجزائري وإلى ما تقوم به الجزائر مرارا من إمداد تونس بأطنان من الغاز المسال عبر الشاحنات المتعثرة في الحدود،
أعجبني السؤال، لأننا أنفقنا أموالا طائلة على ربط غرب البلاد وأساسا الكاف وما حولها بأنابيب غاز من الشمال، شانطي عملاق ومكلف بدل ربطها بشبكة أحد أكبر منتجي الغاز في العالم الشقيقة الجزائر عبر الحدود على بعد بضعة مئات الأمتار، مثلا: سوق أهراس وتبسة، ما سأذكره هنا ليس "أسرارا" بالمعنى الحقيقي، بل واقعا يختلف باختلاف النظر بين نظامي الدولتين وغياب مشروع تفاوض حقيقي حول التكامل الاقتصادي،
بقطع النظر عن شراسة وتشدد الأشقاء الجزائريين في عقود المحروقات من حيث الثمن والاشتراك في الكلفة لأسباب تاريخية، فإن الجغرافيا تفرض منطقها: المنطقة الحدودية صعبة جدا لأنها تلال قاسية وأودية عميقة تتطلب استثمارات ضخمة لكنها تستحق التضحيات، في أفضل أوقات الود بين تونس والجزائر والحديث عن فترة النضال المشترك وضحايا تونس ومن الجزائريين المقيمين في الكاف ودعم التونسيين غير المحدود لهم في نضالهم للاستقلال، لم يسمح الأشقاء الجزائريون بغير أنبوب صغير من الغاز من سوق اهراس إلى مطبخ مدرسة وحيدة في ساقية سيدي يوسف من آخر قرية جزائرية، وهو لا يحتاج إلى أكثر من قارورة غاز شهريا،
يحس الواحد أن اتفاقا مع دولة سنغافورة في الجهة الأخرى من العالم أسهل من الاتفاق مع الجزائر وهي ليست وحدها مسؤولة عن المشكل، لأن القرار في البلدين رهين "إرادة سياسية عليا"مركزية لا علاقة لها بالمصلحة اليومية للناس ولا يسمح لأي مسؤول أقل من ذلك بتناول الموضوع، "الثقة لا"،