الحل التونسي....

Photo

(نعم يمكننا الحديث عن حل تونسي )

في كل مفاصل الربيع العربي يظهر الحل التونسي هو الحل الاقل سوءا من بين كل التجارب العربية
وقد زادت معركة بن قردان فصلا اخر يؤكد التوجه التونسي ويجعله اكثر مقبولية لدى الاقطار العربية المشابهة…
الصورة المثالية لثورة شعبية مسلحة تعصف بالنظام وتصفي قواعده وتؤسس لنظام جديد ومثالي ومقبول كليا لم يمكن لاحد انجازه ولا يبدو ممكنا ابدا (يمكن ان نعدد الف سبب لتعذر ذلك).

بقيت الحلول غير الثورية .. التي قد نسميها اصلاحية (البعض سيقول ترقيعية)

(1) في المجال السياسي السلمي ..

التقدم بخطى بطيئة على طريق التحول الديمقراطي او الانتقال اثبت قدرة على الحفاظ على الدولة وخوض صراع مرير مع مكونات النظام القديم واجبارها على التغير البطيء..تهرئة الرافض منها للتحولات و دفع المستعد للتغير الى الدخول في مسار تغيير دون دم ولا ثارات هذا المسار خفف الطموحات الشعبية في تغيير جذري وسريع ولكنه جنب اضرارا كثيرا …يمكن تخيلها ولا يمكن تخيل اثاراها البعيدة المدى على الافراد والمؤسسات…(انه علاج بدون بتر ..قد يترك عاهات بالجسم لكن الزمن يصير مسار تغيير في ذاته).

التجارب الليبيبة والسورية واليمنية قاسية جدا و معالجة اثارها الدموية ستطول كثيرا. الردة المصرية بالانقلاب العسكري اثبتت ان النظام القديم لم يعد قادرا على العودة الى ما قبل الربيع العربي وبينت ان قوة الجيش ليست قوة للدولة بالضرورة …بل هي قوة فئوية قاتلة للحريات ومدمرة للحمة الوطنية وسيكون لها اثار سلبية طويلة المدى.

قدم المغرب حلا وسطيا منتجا بعد وان كنا من خارج المغرب لا نهضم مكانة الملك في الهيمنة على مجريات عمل الدولة ..ويبدو لنا الامر غير ديمقراطي …

قدمت الجزائر اسوء الامثلة بعدم التعايش مع تجربة الانتخابات (قبل بقية بلدان الربيع( لكنها لم تتقدم على طريق الديمقراطية بعد ما جرى من انقلاب على نتيجة انتخابات ربحتها الفيس ..وأدت الى حرب اهلية.
في الحل التونسي يجري هضم المكون الاسلامي و ادماجه والتجربة واعدة بتعايش طويل الامد.كما بدأت تظهر مراجعات يسارية جدية لم تتحول بعد الى تيار قوي لكنها تتبلور ..

(2) في المجال الامني

و تحت تهديد الاختراقات الموجهة عالميا بداعش او بغيرها (الارهاب بكل مسمياته(يمكننا ايضا الحديث عن حل تونسي فعال )بعد معركة بن قردان مارس 2016 خاصة(يوجد وعي شعبي تونسي وعربي بخطر الاختراق الارهابي ويوجد رفض شعبي له مهما كانت خطابات القرف من الموجود ..

فعامة الناس رافضة للإرهاب. والحل التونسي قام بوضوح على تلاحم بين المؤسسات الامنية والعسكرية وبين عامة الناس (حتى العوام منهم السائرين على فطرة غير مثقفة( لقد تحدث كثيرون عن هروب الجيش العراقي امام داعش والسبب ليس غياب الوعي بالإرهاب لكن غطرسة جيش طائفي وضع الناس بين خيارين اقلهما مرارة هو داعش … والنتائج كارثية في حالة الخضوع لداعش وللجيش الطائفي. بينما قدمت الحالة التونسية البديل …تعاون بين الشعب والمؤسسات كسر حلم داعش في التوسع في المغرب العربي.

هل الحل التونسي كامل وشامل ؟

ليس بعد … هو بداية مسار …يبدو للعجولين منا غير منتج …وبه تشوهات عميقة …ولكن الديمقراطية ليست طبخة عجة …سريعة ..واذا اردنا ان نتفاءل فان ما قطع في خمس سنوات يعتبر معجزة قضت الديمقراطيات الغربية اكثر من قرن لانجازه …

لذلك انصح بالحديث سياسيا عن الدستور التونسي وامنيا عما بعد بن قردان 2016..

وإذا كان لهذا الجيل من مهمة مقدسة فهو ايصال التجربة التونسية لبر الامان السياسي والامني ليمكن فعلا الشروع ان انجاز التحرر الاقتصادي )الثورة الاجتماعية اذا جاز القول(.وهي معركة كاسرة لم يبدأها التونسيون بعد …وربما يعيشون الان رهبة الشروع فيها …ويؤجلونها وجلا من ثمنها ….العظيم ….


Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات