تبدو لي هذه الحكومة مثل فار وقع في مصيدة فلم يمت ولكنه يتخبط بعد. وكلما تخبط ضاقت حوله الشبكة.
هذا الحكومة مثل سابقاتها (الترويكا وجمعة) خائفة ومرعوبة من كمشة الإعلاميين الخونة الذين يجرونها إلى كل الهوامش ويمنعونها من العمل وهؤلاء الخونة (نعم الخونة) يعرفون هذا الجانب الهش ويضغطون عليه فيزداد ارتباكها. إنهم وحدهم المالكون لأجندة التعطيل المنهجي.
ليس المطلوب منها في تقديري الشخصي أن تضغط على زر سحري فنصبح اليابان بين عشية وضحاها. ما من عاقل يطالبها بذلك ولكن يمكنها أن تعلن نواياها الصادقة عبر مشاريع كبرى أكبر من تصريف المسائل الجارية والمستعجلة والتي تقدر عليها الإدارة العادية لكل يوم.(طبعا لم يظهر هذا في ميزانية 2016).
المشاريع الكبرى ولو على الورق ستجعل الناس يحولون اهتمامهم إلى متابعة المنجز بالتدريج فيكتبون عن تقدم مشروع كبير وتعطله وتتحول مطالبهم إلى التسريع بانجازه و فضح العوائق التي تقوم في طريقه لا المطالبة به وهو في علم الغيب أو في الأماني المستحيلة.(حيث سيظهر المفسدون ويفضحون).
هذه المشاريع يعرفها الجميع.
شبكة طرقات سيارة تربط وسط البلد بجنوبه وتحويل فوائض مياه الشمال إلى الوسط وتزويد الجنوب بالمياه الجوفية .تهيئة أراض زراعية من المدخرات الغابية في الشمال و تمليكها لمن هم بدون أرض.(ما هذه إلا أمثلة). وهناك الكثير.
اعتقد أن جر الناس إلى الاهتمام بالعملي المفيد سيريح الحكومة أولا والناس ثانيا من الاهتمام بسفاسف الأمور. وأجزم أن قضايا مفتعلة كثيرة ستختفي نهائيا من المشهد. لن تكون هناك قضايا نقاب ولا قضايا مساجد خارجة عن السيطرة ولا جمعيات مشبوهة التمويل.
إن قضية شائكة مثل إصلاح التعليم ستحل نفسها بنفسها إذا غُرس الشباب العاطل في الأرض الزراعية. سيتوقف عن قراءة الفلسفة ليهتم بعلاجات الخضر والغلال ويتحول في زمن قصير إلى فلاحين) خبراءالفلسفة ممتعة للجالسين على الكراسي لكن مردود الخوخ البدري أكثر فائدة في هذه المرحلة).
لا أريد أن أخوض في النوايا ولكن المشهد كارثي على الجميع. و اللوم يذهب إلى حزب النهضة كأحد مكونات هذه الحكومة(ما تبقى من النداء لا يعتبر عندي حزبا). فانا أحد الذين يقرون لهذا الحزب بحقه الكامل في الوجود والمشاركة وأرفض استئصاله. لكني أراه يمارس لعبة التمعش من القضايا الهامشية ولا عذر له في عدم الضغط على الحكومة (التي تعرف أهمية صمته عليها ودعمه لها)ليدفعها في اتجاه فرض المشاريع الكبرى لتتحول المشاريع إلى مطالب الشارع وأدوات ضغطه.
هذه ليست معجزات ولا تحتاج عقولا جبارة هي بمثابة إعلان نوايا طيبة تجاه البلد وعبر الزمن تتحول إلى منجزات ويوجد لدى الشعب (المسكين فعلا) قدر من الصبر لينتظر تحولها من نوايا إلى منجزات.
أما السيارات الشعبية للموظفين فحماقة أخرى تقع فيها الحكومة ونخبتها لتواصل إنتاج بن علي دون بن علي(إنها المصيدة الحقيقية التي تفرضها طبقة الموظفين الكسالى) . تماما مثل تخفيض أسعار الشاي عوض دعم أسعار الكيماويات الزراعية.
طبعا لومي يتجه أيضا إلى المعارضة (بكل جٌزرها) التي تحاصر الحكومة في الهوامش ولا تجرها إلى المطلوب تنمويا.
إن اللغو المهمين الان على الساحات والمنابر هو ثمرة طبيعية للفراغ البرامجي الذي يكبل الجميع (حكما ومعارضة) وهو المتنفس لهم لكي لا يذهبوا إلى تنمية البلد التي قد تهمش وجودهم.
التنمية ليست معجزة إنها إمكان والبلد غني إلى درجة تحوله إلى يابان حقيقي يسخر من برامج (آش نعملوا بيها الكتب).