إذا بالت عليك القطط…

Photo

من أعاجيب أهل تونس مما لم يذكر في الحلل السندسية أن رجلا جاور بمدينتهم لطلب العلم فطال به الأمد بينهم حتى أصهر إليهم وسكنت جنته إليهم. وإن لم يبرأ من الحنين.

ولما كان من أهل الرأي والمشورة فقد تدبر بينهم منزلا فغفلوا عنه لا يطردونه ولا يذكرونه بأنه جاء من وراء العلامات إلا قليلا. لكنهم أطلقوا عليه قططهم تعشش في بيته فقد كان بيته يرفع بيوت الآخرين على ظهره.وهو ما يسمى عندهم الريدشوسي وترجمتها في اللسان الذي هجروه الطابق الأرضي في عمارة.

وكان من أعاجيب قطط أهل تونس قط أشخم ذو فتالة طويلة وبيض كبير كان يقف للرجل في النافذة و(يقحر له قحران( ويرفع خلفيته ويبول في النافذة فيصب الرجل الماء الأصفر المسمى عندهم بالجفال وهو أنتن من بول القط ولكن …

يقال أن ذلك يعالج من داء الوبر وهو مرض يفسد خلقة الأجنة في الأرحام فيولدون برأس كبيرة ولا يعقلون. وكان لهذا القط صولات تتبعه فيها إناث القطط في الثنايا وكانت إحداها مما يسلط الله على خلقه فلا يعرفون لها ردا فقد وطنت على التسرب تحت غرفة حمام الرجل النازح والساكن في الريدشوسي ..

في كل موسم فتلد عددا من القطط الشخماء لا يعلمه ألا الله وتظل تعوي عواء لا ينقطع ليلا ولا نهارا والرجل يضرب كفا بكف ولا يصل إليها فيخرجها ولا يصل إليها فيطعمها فتصمت. ويظل على ذلك زمنا حتى يحرم النوم فيخاصم أهله ويضرب ولده ويمزق ملابسه ويضرب رأسه في الجدار ويكمل نومه في المقاهي فإذا كبرت القطط خرجت من ثقب لا يعلمه فيراها في الثنايا ويتمنى قتلها لكن أهل تونس يصيرون فوق رأسه أنبياء يحبون حيوان الأرض وخنافسها...

فيحوقل ويسكت وينتظر القط الاشخم يبول في النافذة و يقحر ويقود إناث القطط في الثنايا حتى موسم ميلاد آخر . لقد كان من الحكمة عند أهل تونس أن تسكن الريدشوسي ولا تنظر من النافذة. لذلك كان من الحكمة أن يعود الرجل من حيث جاء فحكمة أهل تونس تضوع براحة بول القطط وتعالج ألمها بالغمة.

لكن جرى عليه ما يجري على من دخل تونس فقد كان مكتوبا على أسوارها من دخل هنا ضيع الطريق.

وليس أضيع ممن بالت عليه القطط.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات