مات حارس الجملة الفعلية…

Photo

ماذا أفعل برقمك الشخصي في هاتفي يا معلمي وأنت لا ترد ولا تدعوني إلى قهوة .تلك القهوة...تقول لي تعال لنذهب إلى قهوة ثم تضيف فالهادي ليس هنا...الهادي رقيبك الصحي الحريص يعلّم الطب في جيبوتي ...آخر الجملة يناقض أولها التقط الإشارة وآتيك بالصودا وحبات اللوز المالح فتكون قهوة بلا هادي ولكننا لا نتيه عن صواب السرد ثم نسرح في الحصري وابن رشيق وأبي القاسم حتى نصل جمال فتقول ذلك الفتى غريب لقد عثر على عين الشعر لكنه لا يملأ قربته إلا نزرا يسيرا ..

أقول لك انه يتنفس جمله بهدوء فتقول ليته يسيل ... ثم نذهب في السرد فتذهب في النقد وتقول الصورة مكرورة والكتاب يسترقون فكرة واحدة من نص معاد... اصغي إليك كأنك تتلقى وحيا... جملك هادئة ترتبها بلطف كأنك تخاف أن تجرح الكلمات... استحثك فتقول ليس الناقد كالسارد فاكتب فلك طريقة... أنت تتنفس العربية...

أنتشي وتصير الزجاجة تافهة فعبارتك مسكرة .. أنا أثير رغبتك في القراءة.. أنت الذي مررت على نصوص العالم... وأصب لك ونشعل تبغ الملوك الأحمر...ونتيه في العربية ...وأسألك كيف اكتشف العرب ستة عشرا بحرا من الشعر في الصحراء قبل بناء بيوت من الحجر...فتقول صوت العناصر في إذن الفطرة فأقول الله أكبر. ونصب كأسين مترعين...وتقول ضاحكا لقد... أنقذتني جيبوتي من رقيب قاس...أقول لك منتشيا يسقط الأطباء فتقول لي آمين ونضحك كأطفال حمقى...

ماذا أفعل برقمك يا معلمي ...؟ سرت خلف نعشك وبكيت وأفسد السياسيون دموعي فكفت...حول قبرك اجتمع ثلاثة لم يقرؤوا عليك ولم ينتظروا العدد على أوراق امتحانهم ليحبوك إذا نجحوا.. زهير خريج المعلمين العليا وشكري خريج آداب القيروان وأنا خريج علم الاجتماع .. أكملنا طقوس القبر كما يليق ثم انفجرنا...كان القوم قد انحدروا لمصافحة رئيس الحكومة وشم عطره المقدس ...أراحونا فبكينا كما يليق بقبرك ..وكتبنا هنا يرقد الجاحظ.. هنا يرقد الدينوري وهنا يرقد رولان بارط ..ثم سرنا …

كان رقمك في هاتفي فطلبتك لقهوة لكني تركتك خلفي في جبل حريز... قبرك يواجه البحر.. والصنوبر حولك يضوع والعطرشاء على قبور كثيرة وآثار الربيع حولك لا تزال...رقمك لا يرد وأنت لن تشرب القهوة ولن تدخن التبغ الملكي الأحمر ...وتقول ...اقرأ لهيمنجواي ولا تنسى سيلين ..أما وول سوينكا فله روح سوداء كالزمرد ..أنت قرأت كل روايات العالم وضمنتني منهم متى فعلت ذلك يا معلمي رد على هاتفي فان المجيب الآلي قاس كالرصاص في أذني ..

سأهرب منك لكي لا يعذبني الفقد … أيتها العربية السمحاء لقد دفنت ربك فأنت الآن يتيمة بين يدي وسأغتصب جملتك فأجعل الصفة قبل الموصوف وأقول حرف الجر يرفع و واو رب تنصب المفعول أما الفاعل فابن هرمة مأبون .. حارس الجملة الفعلية مات. لقد دفنته بيدي ..كان التراب جافا لكني صببت الماء بعد الفاتحة..أعرف انه يحب بلاغة القرآن وقد قرأت عليه من سورة القمر.. إنه يحب إيقاعها وقوافي الآيات القصار …وكان يشمت في الجهلة وهم كأعجاز نخل منقعر …ويرى نوحا على ذات الواح ودسر ويقول …ما هذا الكلام من صنع بشر ….ويرنو إلى أفق بعيد ويشعل سيجارة ويقول نص صنع أمة وأمة عاشت قرونا وتزيد بعربية تسقطها الإذاعات فتعسكر في القلوب … أيتها العربية مات حاميك …فاتخذي وجهك المالطي وقولي سافا ..

أنا شامت لقد عذبتني حتى بكيت منك عليك لأني أقع في اللحن و أجزم في مواضع النصب فيقول معلمي اتق الله في لسان نبيك … أ ولست تؤمن … بلي ولكن مالطة تقتحمني يا معلمي …وتفسد علي لساني في الطريق وفي المدارج … في جلسات القهوة قبل موت الهاتف كان يبتسم عن أسنان نضيدة رغم العقود التسعة ..ورغم مليون سيجارة ملكية حمراء مرت من لهاته.. دعك لقد انحط أهل العربية ذات يوم للمغول لكن العربية سمت حتى ضمت الأمة من جديد في ديار بكر وأرض روم والقسطنطينية…ثم يصمت …العربية ليست كلاما إنها روح… إن الله يسكن في جملتها الفعلية فلا تخش عليها اللحن…وقد عشت في فرنسا حتى استقام لي لسانها لكني أجد روحي عربية..

ثم يتذكر أبا نواس…ويشرح لي المغتسلة…ويسرح خلف مجد العربية…قال الجاحظ… في رسالة الجواري والغلمان ثم يبتسم …دعك من ذلك …المعلقات كانت أكاديمية شعرية متقدمة دون كراسي من أبنوس كانت العرب تجلس على الرمل في مكة وتعرف موازين الكلام وتقول…هذا قول حكم ويعلق على جدار الكعبة… تلك كانت الاكاديميا دون المرور بالصربون .. مات هاتفه ..الشخصي لكن رقمه يذكرني لأمر قرب بيته وأداعب غصن الزيتون الذي يقع خارج سور البيت وأقول سلامي إلى روحك يا معلمي فقد ولدت قبل الهاتف والترقيم .. أيتها العربية السمحاء أنا إياك يتامى في مالطة الجديدة فقد مات حارس الجملة الفعلية.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات