معركة اللحمة الزائدة

Photo

كنا على زمن المبيت التلمذي في اخر سنوات السبعين (يا الله كم هرمنا )كان المطعم المدرسي يقدم لنا وجبة الليل لوبيا او مرمزا (راقو) وفي غالب الوقت مبكبكة وفي مرات كثيرة تتيه قطعة من اللحم في طنجرة الليل (وجبة النهار دوما فيها لحم)(رحم الله محمد مزالي) وكان القيم العام ينظمنا في طاولات من 6 او 8 تلاميذ يقوم احدهم بتوزيع الاكل في الصحون فكنا نؤثر احدنا باللحمة الزائدة بالتداول او نجري قرعة عليها فتنتهي عند احد الجلاس و نرضى ولكن غاب تلميذ فعوض بآخر تسلط علينا واثر بها نفسه دوما فكان يضعها في صحنه اذا جاءت ثم يقسط علينا .

غضبت واحتججت فلكزني فكسرت صحنه فعوقبت ونجا لكنا عدنا فعاد الى صنيعه كأنه ملك علينا فأفسدت عشاءه بالماء (وكان اكولا يجمع بقية صحوننا ويلعقها بالخبز) فاطردنا خارج المطعم وفي غفلة هجم علي بجسم يزن ضعف جسمي فهرسني ...تهريسا فأدركنا القيم ففصل بيننا ونجوت لكنه رغم تبجحه بالنصر هزم فقد عزل في طاولة وحده يعطي طعامه بعد الاخرين وعاد العدل الى طاولتنا الحقيقة لم تكن اللحمة هي الهدف ...فهي في الغالب شحمة بقري مروبة كانها قنديل بحر لكن طريقتنا في نيلها كانت جميلة ...وكانا نتعشى ضاحكين وكثيرا ما اثرنا اقتسامها او تركها للأضعف منا بنية .

كان زمن تعلم العدالة والإنصاف ...ومحاربة الظلم الصغير !!!

كان زمن احتقار الجشع وكبر الكرش والبطنة !!!

اشعر في هذه الايام ان ذلك الدرس يحدد سلوكي ابشع ما يمكن ان يفعل انسان بنفسه ان يؤثرها بخير(حتى شحمة بقرى( دون وجه حق كل ما يفعله السياسيون يذكروني بذلك الطفل السمين الذي كان يسرق من عشائنا …

مع ملاحظة مهمة كان رفاق الطاولة في ذلك الزمن البعيد يسكتون على الجشع ولم يسندوني في معركتي المقدسة من اجل تلك اللحمة الزائدة لكن لما عاد العدل وضعوا قوانين لتوزيعها …المنتظرون ...أولئك ... اود ان اهرسهم بطريحة ... (انا ضحية طفولة صنعتها الروايات الرومنسية وهذا بعض ما اعرف عن نفسي)

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات